ملخص المقال
سوريا تعيش اليوم وضعا مأساويا داميا؛ فآلة الموت والدمار النصيري الرافضي تجتاح مدنها واحدة بعد الأخرى.. فما ابتلاء المسلمين بأحداث سوريا؟ وماذا فعلنا
سوريا تعيش اليوم وضعًا مأساويًّا داميًا؛ فآلة الموت والدمار النصيري الرافضي، تجتاحُ مدنها واحدةً بعد الأخرى، فكانت درعاهي البداية، ولم تكن النهاية، فقد ظل الشعب السوري الأعزل -بالرغم من اشتداد وطأة الأزمة واستمرارها- يضرب أمثلةً رائعةً في الثبات والصمود، فما أن يبثَّ زبانيةُ الحاكم وشَبِّيحتُه سمومهم في أوصال مدينةٍ، إلا وتنهضُ مدينةٌ أخرى؛ لترفعَ راية العزّة والكرامة والإباء!
واليوم ها هي ذي مدينة حمصالباسلة، يصُبُّ عليها زبانيةُ الطاغية من العذاب صبًّا، وتَهطل عليها الرّاجمات والقنابل، وتسيل فيها الدماء، ممتزجةً بدموع الأطفال والثكالى، لترسم مشاهد وصورًا يندى لها جبين الإنسانية، ويُدرك كلُّ من يُعايشها عبر الفضائيات، أنّ الأمرَ لا يتعلّق بحاكمٍ يسعى لإخماد أصوات معارضيه فقط، وإنما هو -فوق ذلك- حقدٌ أسود، يصطلي به الشَّعب السوريُّ المسلم..!
وقد حدَّثني الأخ الدكتور فهد السنيدي القادم من الحدود التركية السورية، بعد أن تلمَّس من خلال لقائه باللاجئين والفارّين من هذه المجزرة الإنسانية، حقيقة كفر هذا النِّظام البعثيِّ النُّصيريّ، حيث يضع الشّبّيحة وعناصرُ الأمن صورة زعيمهم بشارأمام الشّخص المعتقل، ويُرغمونه على السّجود لها، تحت تهديد السلاح، علمًا بأنّ ذلك ليس بمنجيهِ من الموت! وإن تعجب؛ فاعجب ممّن يُفتي بأنّ هذا الحاكم المستبدّ المتألّه هو وليُّ أمرٍ لا يجوز الخروج عليه!!
إن هذا الحقد الأسود الذي تنفُثه عناصرُ الأمن والشبيحة والنصيرية في أوصال الشعب السوري المسلم - هو دليلٌ جديدٌ، يُضاف إلى ما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية من كفر هذه الطائفة النصيرية، الأمرُ الذي عمل هذا النظام على إخفائه عقودًا من السنين، فها هو اليوم لا يُبالي بإظهاره عنفًا وحقدًا وإرهابًا وقتلاً لأهل السُّنَّة والجماعة.
إنّ البلاء الذي يُعانيه ويُقاسيه الشعب السوري، قد أضحى أمرًا معلومًا للكافة، ولكن ما ينبغي أن نعلمه الآنَ، وأن ننتبهَ إليه جيِّدًا، هو أنّنا وسائر المسلمين في الأرض؛ بسبب هذا الابتلاء الواقع على إخواننا في سوريا، قد صرنا كذلك مبتلين.. قال سبحانه: {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد: 4].
لذا فقد صار واجبًا على كلِّ مسلمٍ أن يجتهد في نصرة إخوانه، أليس المسلمون جسدًا واحدًا، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الأعضاء بالحمَّى والسهر؟! أليس المؤمنُ للمؤمن كالبنيان يشُدُّ بعضُه بعضًا؟! فأين نحن ممّا يجري في سوريا؟! أيكفي قنوتنا والدعاء؟
ولا شك أنّ للدُّعاء المخلص أثرَه في تبديل أمور الكائناتِ، من حالٍ إلى حال، ولكن أيُّ إخلاصٍ هذا الذي لا يتجسّد كذلك في أفعالٍ ملموسة ودعمٍ مادّيٍّ، إخوتنا في سوريا في أمسّ الحاجة إليه؟ هل برَّأنا ذِمَمنا ممّا علق بها من واجب النّصرة ومدّ يد العون، وإيقاف نزيف الدم المسفوح في أرض الشام، خير بلاد الله بعد مكة والمدينة؟! أين ولاؤنا لله ورسوله وللمسلمين؟! وأين البراء من الشّرك والكفر والمشركين والكافرين؟! وماذا ننتظر؟! ألسنا نرى بأمّ أعيننا الرافضة والمجوس والنصيرية يرمون الإسلام والمسلمين وأهل السنة عن قوسٍ واحدةٍ؟!
فماذا فعلنا لإخواننا في سوريا؟!
بل ماذا فعلنا لأنفسنا؟ فإنّ دوائر الكفر وحقده الأسود، لا حدّ يحدّها ولا قيد يُقيّدها، وإنه يودّ لو أحاط بكل بلاد المسلمين. وقد نبّهتُ في سياقٍ آخر إلى المخطط الرافضي الكبير، الّذي يجري تنفيذه والإعداد له، وبيّنتُ أنّ ما يجري في سوريا في أرض الشّام - هو وجهٌ آخر من وجوه المخطط الذي يُباشر تنفيذه الحوثيونوغيرهم في منطقة الخليج العربي، وأنّ أمن الخليج بل أمن الأمة الإسلامية كلها من أمن الشام!
نعم، إنّ وطأة الأزمة اليومَ على الشعب السوري الأعزل قد استحكمت، وبلغت آلامُه ومعاناته ذُروتَها، بيد أنّه لا يزال صامدًا، وإنّي لأرى في صمود الشام معالم النصر القادم، وألمح في جنح الظلام قسماتِ فجرٍ صادقٍ، وأرى في طيّات هذه المحنة من المنح الجزيلة، ما يفيض خيرُه ويعمّ -بإذن الله- على الأمة كلها؛ فإنّ الله -عز وجل- ما ابتلاها إلا ليمنحها، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
ألا فلنُرِ الله -عز وجل- من أنفسنا ما تقرُّ به أعيننا في الآخرة عند لقائه، ولنستفرغ وُسعَنا في بذل كل جهدٍ ممكنٍ؛ مؤازرةً لإخوتنا في محنتهم، ونصرةً لهم على عدوّ الله وعدوهم.
المصدر: موقع المسلم.
التعليقات
إرسال تعليقك