ملخص المقال
40 طريقة لتكون الحياة صديقتك مقال بقلم الشيخ سلطان العمري، يعرض أربعين وسيلة للاستمتاع بالحياة وتذوق أسرارها والابتهاج بها.. فما هي هذه الوسائل؟
في نظرة لهذه الحياة تجد أن فيها ألوانًا من المتعة والجمال والأنس والسرور، وسوف تتذوق فيها طعم السعادة.. لا عجب، فهي الفرصة الوحيدة لاتخاذ الزاد إلى دار القرار (جنات الخلود).
سمعت كثيرين يلعنون الحياة ويتبرمون منها، ويصفونها بأبشع الصور، ويلصقون بها أسوأ الألفاظ، وكأنّ الحياة عدو كبير. وإنّي لأجزم أن أولئك لم ينظروا لحياتهم هذه النظرة إلا لأنّ لديهم مشكلة في التفكير، ولديهم خلل في كيفية التعامل مع تغيُّرات الحياة وتقلباتها.
إن الاستمتاع بالحياة وتذوق أسرارها والابتهاج بها يحتاج في نظري إلى عدة أسس، وبين يديك شيء منها:
1- ترتيب الأولويات وتقديم الأهم فالأهم وحسن التعامل مع هذه الأولويات:
مثال 1: الذي يسهر ليلاً سيفوِّت على نفسه التبكير إلى الدوام أو إلى موطن دراسته، وحينها سيجد الزحام في الطريق وسيلقى العتاب لدى وصوله من رئيسه ومديره، وسيحتجّ صاحبنا بالزحام في الطريق وكثرة السيارات، وسينظر إلى دوامه نظرة سلبية؛ لأنه دائمًا يجد العتاب والشكوى، فتضيق نفسه حتى في عودته للبيت، وسيتهم الحياة بأنها بلاء وهمّ ونكد، بينما نجد صاحبه في الدوام الذي يأتي مبكرًا قد بدأ في ممارسة عمله وتراه مبتسمًا سعيدًا يتناول الشاي والقهوة، ويمازح هذا وذاك، وينظر في ملفاته وأوراقه ويعود مسرورًا لأهله؛ لأنه قضى يومًا جميلاً في عمله، ولن تسمع من هذا طعنًا في الحياة ولن يشتكي منها أبدًا.
مثال 2: الذي يفقد مبدأ الأولويات في صرف المال سوف يعاني من تزاحم الهموم، وقلة المال، وكثرة الديون، وحينها سيكره الحياة.
مثال 3: الذي يفقد الأولويات في مواعيده سوف يقصِّر مع أناسٍ، ويهمل حقوق آخرين؛ لأنه مهمل للأولويات في مواعيده.
2- ترتيب الأهداف والأعمال ونبذ الفوضويَّة التي تؤخر الإنجازات وتجلب الكسل، وبالتالي تكون النظرة السيئة للحياة.
مثال 1: الذي يقدِّم حاجاته الشخصية الكمالية على ارتباطات الأسرة والعائلة، سيخلّ بهدف الترفيه والصلة الذي تريده الأسرة منه، وبالتالي سيتولد الخصام بينه وبين أسرته، وبعدها يكون الخلاف قويًّا، وهكذا ينظرون إلى حياتهم وأنها كلها هموم؛ بسبب سوء فَهْم الوالد لهم وتقديمه لأهدافه على أهدافهم، ولو أنه راعى الأهداف ورتّب وقتًا لأهدافه وطموحاته ووقتًا لأهداف الأسرة، لعرف أن الحياة جميلة.
مثال 2: الذي ليس لديه تخطيط مالي لتحقيق أهدافه، سيعيش في قلق كبير من النواحي المالية وسيزداد ألمه حينما يرى أن أصحابه قد تفوّقوا عليه ماديًّا وسبقوه إلى تحقيق أمانيهم؛ لأنهم عرفوا كيف يخططون.
مثال 3: تنظيف جهاز الحاسب من الملفات المبعثرة وترتيب المستندات والمجلدات وحذف كل ما هو فوضوي، وهذا يحفظ لك المهمات ويزيل عنك غثاء المحفوظات لديك. وكم من رجل فَقَد ملفًّا في مجلد خاص ندم عليه كثيرًا وبدأ يبحث عن وسائل تعيد المحذوفات! فكن ذكيًّا في تعاملك مع جهازك الذي يؤثر على حياتك.
3- الحذر من الورطات المالية وسيبل ذلك هو "الذكاء" في التعامل مع الميزانية العائلية وجودة التصرف والتوزيع لمتطلبات الحياة، وعدم الدخول في المساهمات والمعاملات غير الواضحة، والحذر من القروض الربويّة التي تمحق بركة المال، وتجلب خسارة الدنيا والآخرة.
وهنا ومضات:
- كلما كان المرء ذكيًّا في استثمار ماله في أبواب الرزق المباحة وفطنًا في صرف ماله عبر قانون الأولويات، كان سعيدًا في حياته مستمتعًا بها؛ لأننا نجزم -بلا شك- أن المال مهم في هذه الحياة وأن غيابه أو نقصانه مما ينغص الحياة ويجعلنا نكرهها، بل ومنهم من يبحث عن الانفكاك عنها "عبر الانتحار"؛ ليرتاح من هموم الديون ومطالبة الناس.
- المال يسعدك حقًّا بشرط "حلاله" وحسن التصرف معه، فاحرص على مصدر رزقك؛ لأن المال بالتقوى يُسعدك في حياتك الأولى والأخرى.
- احفظ جزءًا من مالك "للطوارئ"؛ حتى لا ترمي بوجهك الشريف على أبواب الآخرين، وحينها تكره الحياة.
4- حسن الخلق مع الآخرين باب من أبواب السعادة ويجعلك تحب الحياة؛ لأنها فرصة لكسب صداقة أو تنمية علاقة. وبالتجربة فلقد وجدنا أن من أسباب السعادة "الإحسان إلى الناس" عبر "الخلق الحسن"، ومن سعى لإسعادهم وتفريج كرباتهم، فإنّ الله يكافئه بالمثل ويسعده ويمنحه ألوانًا من السرور والأنس.
5- قتل الروتين اليومي يجعلك تحب حياتك ولا تمل منها، بل إنك تتمنى أيامًا أطول، وساعات أكثر لتستمتع بالحياة. ولقد حكى أصحاب الخبرة أن تغيير طبيعة الحياة والانتقال من البرنامج اليومي إلى برنامج آخر له أثرٌ على نظرتك للحياة، ويتضح لك بعدة أمور:
- تغيير وجبات الطعام من ناحية محتواها، أو طريقة إعدادها، أو مكان تناولها له أثر على يومك.
- حاول أن تصلي في مسجد بعيد عن بيتك بعض الشيء، وجرِّب وسترى.
- تغيير الكتاب الذي تقرأ فيه، وإدخال ثقافات جديدة لديك، فمثلاً: اقرأ في الطب والطيران، وأنواع الفواكه، وحياة الناس في بعض الدول، وعجائب المخلوقات.
- تغيير مكان ذهابك للدوام إلى طريق آخر إنْ وُجد.
- زيارة مواقع في النت جديدة عليك، كمعرفة بعض صنوف الحياة والكلام عن عجائب البلاد والصور الطبيعية.
- تنظيم أوقات الإجازة الأسبوعية وابتكار وسيلة جديدة لقضاء وقت جميل مع الأسرة أو مع الزملاء، مثال:
** السفر لمدة يومين من الأربعاء حتى الجمعة لأحد الشواطئ القريبة، والتدرب على السباحة أو الغوص أو ركوب السفن الصغيرة. وقد جرّبت ذلك حيث ركبتُ سفينة صغيرة، ولما توسطنا البحر تناولنا وجبة الإفطار على ظهر السفينة وكانت الأجواء جميلة، ووجدتُ أن التغيير في مفهوم الإجازة الأسبوعية يضفي على الحياة طعمًا آخر.
** تعودنا في نهاية الأسبوع أن نزور أحد الأقارب أو مجموعة منهم، وكانت العادة أن يكون اللقاء جافًّا في محتواه (شاي، قهوة، عشاء).
فقلتُ: لمَ لا يكون بدل الشاي عصيرات وفواكه، والعشاء يكون شوي؟
ولم لا نضع لمسة دعوية في الجلسة فنوزّع مسابقة بين الأخوات والإخوة، أو نشتري مجلات إسلامية لنهديها للأخوات؛ ليعودوا من تلك الزيارة بشيء جديد على ثقافتهم؟
ويدخل في ذلك: إدخال برنامج جديد على الأسرة في يوم الخميس كأن يطبخ الرجل وجبة العشاء، ويساعده بعض أبنائه، أو تكون الزوجة في تهيئة وإعداد لقضاء ليلة ممتعة مع الزوج، أو يكون استنفار في تغيير ترتيب الأثاث ونقل بعضه إلى أماكن جديدة في المنزل.
- اكتساب مهارة جديدة كتعلُّم برنامج جديد على الحاسب، أو التدرب على فن الكتابة في موضوع جديد عليك.
- التعرف على زملاء في تخصصات جديدة، فإن تيسر لك أن تتعرف على طبيب أو مهندس حاسب أو مبرمج مواقع وغير ذلك، وقد يتسنى لك ذلك من خلال المصلين معك في المسجد أو جيرانك في الحي.
- الاستفادة من التقنية الهائلة على الحاسب، وهذا بحر لا ساحل له، والذي يدخل فيه يجد من ألوان المتعة والفائدة والاستمتاع بالجديد والمفيد ما لا يحيط به قلم.
- زيارة المعارض الدولية السنوية في أي مجال كان، وهذا يزيد من ثقافتك ويوسِّع المدارك لديك، وينمِّي عقلك ليفهم واقع الحياة، ومن ذلك: معارض الكتاب، الاتصالات، العقارات، الطيران، الحاسب، كن داعيًا، وغيرها من المعارض المحلية أو الدولية.
6- إزالة أي سبب يجلب لك التوتر في الحياة سواء في المنزل أو بين الأقارب أو في العمل، وهذا سهل جدًّا على كل ذكي يعرف أسباب المشاكل، ولهذا كلما كانت المؤثرات نادرة فإن الاستمتاع بالحياة سيكون أكثر، وعلى العكس عندما تغفل عنها، فسوف تتكرر منك المشكلات وتحدث الخلافات داخل محيط الأسرة أو بين الأقارب، أو في عملك، وحينها ستبغض الحياة مع أنّ الحياة لا علاقة لها بذلك؛ لأن الحل بيدك أنت.
8- مما يجعلك تحب الحياة ارتباطك بكلام ربك، فاقرأ فيه لتستمتع بحلاوته ولكي تذوق طعم المناجاة، وفي التنزيل: {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. قال ثابت البناني: "ما تلذذ المتلذذون بمثل كلام الله".
9- اعلم أن الذنوب تنغص عليك حياتك، والأول يقول:
رأيت الذنوب تميت القلوب *** وقد يورث الـذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسـك عصيانها
فيا من يطمح إلى حياة هانئة، اجعل بينك بين الشهوات سدًّا من حديد.
10- لا بد أن تشاهد في حياتك منظرًا لا يعجبك وستسمع كلامًا لا يسرُّك، والوصية هنا "أعرض عن كل ذلك"، وتعلّم "فن التغافل"، وربك تعالى يقول عن صفوة عباده: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3].
11- اعلم أن الحياة تتقلب والأحوال تتغير والنفوس كذلك، فافهم كل ذلك، وكن حكيمًا في إدارة كل موقف وحال؛ ليصفو لك الحال.
12- عَبْر "سجودك" مفتاح سعادتك، فاذرف دموع الاعتراف، وأخبر مولاك بأنك نادم وتائب وباحث عن السعادة، وسوف تجد قرب الرب منك بعد اعترافك.
13- ربك كريم وجواد ومحسن فتعرّف عليه لتجد معه "الأنس" و"السرور"، ومن عرف ربه عرف أن السعادة في التعرف عليه.
14- كن عالي الهمة باحث عن كمالات الأمور واعلم أن الحياة تتطلب منك بعض الاجتهاد؛ لكي تمنحك حلاوتها.
15- أزل من قربك كل صديق ثقيل ينغص حياتك، فربما كانت الهموم بسببه.
16- صلة الرحم تضفي طمأنينة عجيبة وسعادة، فصِلْهُمْ لتصلك الأسرار والأنوار.
17- ارفق بنفسك وكن لطيفًا بها واعلم أن الشدة لا خير فيها، وأن العنف عاقبته وخيمة، وفي الصحيح: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه» (صحيح الترغيب: 2672). فلا تظلم نفسك بالقوة والحزم الذي يحرمها متعة الحياة، وكن وسطًا لتهنأ.
18- اختر كتابًا مفيدًا ليجلس معك في أوقات فراغك ليهديك أحسن الأخبار والحكايات والفرائد.
19- استفد من التقنية الحديثة في كل ما يمكنك ذلك، وتابع الجديد من البرامج والأجهزة التي ستسهل عليك التعامل مع ظروف الحياة.
مثال: الاستفادة من الهاتف المصرفي في إجراءاتك المالية من تحويل وتسديد الفواتير، أو استخدام مواقع البنوك على النت في ذلك، بدل أن تبقى عند أجهزة الصرّاف ساعات طويلة.
20- خذ قسطًا من الراحة في الوقت المناسب لك وإياك وإرهاق النفس فوق ما تحتمل، فحينها ستملّ وستكره حياتك، مع أنها بريئة من الاتهام.
21- ابتعد عن الأجواء الكريهة لك كأجواء الحر الشديد أو البرد الشديد، وتعامل بذكاء عند اضطرارك لها؛ حتى لا تتعب نفسك وتصاب بألم الضمير.
22- عند الاتفاق على موعد مع صديق وهذا الموعد له أثر على نجاحك وإبداعك، فكن وفيًّا بالموعد، واحرص على كل ما يسهل الوفاء من ترتيب الوقت والانتهاء من كل ما يشغلك عنه؛ لأن المواعيد مفاتيح النجاح، خاصة إذا كان الموعد يساهم في تطويرك، أو الارتقاء بمشروعك وهدفك.
23- استفد من كل موقف في حياتك سواء كان سلبيًّا لتحذر منه مستقبلاً، أو إيجابيًّا لتفرح به وتنميه، وكن شجاعًا في الاعتراف بخطئك.
24- في حياتك آمال وطموحات فحاول دائمًا أن تنظر فيها وتكتبها وتناقشها مع نفسك ومع من تحب، وفكر جيدًا في الوسائل التي تعينك على تحقيقها.
25- في حياتك آلام وأحزان لا بد أن تفكر في سبب حدوثها لتتجنبها مستقبلاً؛ حتى لا تقع مرة أخرى؛ لأن توالي الأحزان تنغص نظرتك للحياة.
26- محبتك للحياة تنبع من سلامة تفكيرك ومدى انطباعك عنها، فكن ذا تفكير متميز لتكون سعيدًا وتحيا سعيدًا.
27- ساعد الآخرين بمالك لتخرجهم من نكد الحياة وسيحبُّون الحياة، والرب سيعطيك مثل الذي أعطيت وزيادة.
28- إدارة الوقت تنظم طريقة إحياء الحياة، والفوضى مغناطيس الهموم.
29- نقد الآخرين لك ليس بيدك، وهو من القدر الرباني لك، فاحفظ نقدهم في قاموسك الخاص لتنظر فيه هل هو حق أم لا؟ وكن متيقنًا أن النقد مفيد لك في حياتك، فإن صدقوا في النقد فلا تحزن؛ لأنهم أخبروك برأيهم فيك، ولم يخبروك بحقيقتك لأنك أعلم الناس بنفسك، وقد تكون أنت في العلو وهم في الدور الأرضي، فانظر لهم مبتسمًا وعِدْهم أن تفكر بجدية في رأيهم فيك.
30- اكتب قصة جرت لك فيها نوع من الابتسامة، واجمع أخرى لها لتنضم في ذكريات جميلة في حياتك.
31- ساعد الفقير وساهم في كفالة أسرة واقتطع من مالك لتلك الأرملة، وسوف ترتفع الأيدي بالدعاء لك، وقبلها ستفوز بمحبة الرب لك؛ لأنك أحسنت {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]. وساعتها ستحب حياتك؛ لأنها حياة لغيرك.
32- في الحياة مصاعب تحتاج إلى قوة في النفس لمواجهتها، وحكمة في العقل في كيفية التعامل معها، وبدون إحدى هاتين القاعدتين لن تنجح.
33- تقوية الدعم المعنوي لنفسك يؤثر على حياتك؛ ولهذا اثنِ على نفسك بقدرٍ لا بأس به، وتذكر حسناتك لتحمد ربك عليها، ولتعرف قدر الخير الذي لديك، وبعد ذلك عاهد نفسك على الثبات عليها.
34- كن ذكيًّا في اقتناص الفرص والاستفادة منها، وجعلها لك وليست عليك.
35- في الحياة تجارب تمر بك لتختبر موقفك منها، وقد مرّت بغيرك، فمنهم من طردها وأهانها، ومنهم من جعلها سُلّمًا لنجاحه وإبداعه.
36- كن هادئًا في تعاملك مع الأزمات وفكِّر في كوارث الحياة بكل هدوء، وسترى فيها ما لا تراه بمنظار الغضب.
37- حياتك "جنتك ونارك" إنْ أحسنت التعامل فيها مع ربك عز وجل، وهي ميدان العمل فاعمل لسعادة الأبد في جنات الخلود.
38- من السهل جدًّا أن تعاتب والديك أو زوجتك أو الناس؛ بسبب فشلك أو نقص نجاحك، ومن الصعب أن تُوجه ذلك العتاب لنفسك التي شاركت في الجريمة.
39- اقرأ في كلمات الناجحين الذين كانت حياتهم كفاحًا وجهادًا ومع ذلك لم يستسلموا للعقبات، فجعلوا العقبات طريقًا.
40- اكتب إنجازاتك وانظر فيها بين فترة وأخرى، وقُلْ لنفسك: هذا بتوفيق الله لك.
المصدر: موقع يا له من دين.
التعليقات
إرسال تعليقك