ملخص المقال
رمضان قد يدخله رجلان فيخرجان منه كسعد وسعيد، أحدهما انتفع والآخر فشل وانتكس كذلك الفرصة الواحدة
"أسعد أم سعيد".. ذلك مثل عربي قديم.
روي أن ضبة بن أُدّ الجاهلي، ضاعت منه إبله في جنح الليل، والإبل عند العرب أهم من السيارات في عصرنا، ومن كثرتها تكتسب الزعامة والغنى، فخرج ولداه سعد وسُعَيْد ليبحثا عن الإبل ليلا، فعاد سعد ومعه الإبل، ولم يظهر أثر لسعيد. ثم تبين لاحقا أن سعيدا قتله أحدهم غدرا.
فكان أبوهما ضبة إذا أراد التعبير عن معنى الفلاح والخسارة يقول "أسعد أم سعيد".
ونعلم من واقع الحياة وأيامها، أن التجربة الواحدة قد يدخلها رجلان معا، فيخرجان منها كسعد وسعيد، أحدهما انتفع والآخر فشل وانتكس، كذلك الفرصة الواحدة، تجعل من أحدهما عظيما، وتسفر عن الآخر –إن أسفرت عنه- حقيرا.
بل حتى الصدمة الواحدة قد تنزل بالرجلين، فتكسر ظهر أحدهما، وأما ظهر الآخر فتقويه.
أرأيت إلى القرآن النازل من عند الله I، شفاء ورحمة لقوم وخسران لقوم آخرين، قال الله تعالى (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) [الإسراء : 82]
ورمضان – أيها القارئ الكريم- تجربة ومرحلة.
وإن لمن المثير للحزن أن يُرى المسلمون في رمضان في عوالم مختلفة، بعضهم يحرص على التقرب إلى الله وفعل الخيرات وترك المنكرات، وبعضهم لا يبالي بالشهر فكأنه كغيره من الأيام كأنما لم يعلم بنفحة الله فيه، بل منهم من يحرص على ما يغضب الله تبارك وتعالى، نسأل الله أن يهدينا وإياهم جميعا.
من المدهش أن يغفل البعض عن الشهر، فإنه أيسر الفرص للتوبة والرجوع إلى الله، فالمساجد صادحة، ومفتوحة أغلب وقت النهار والليل، ويسهل في رمضان أن تجد أصحاب الخير ومن يعين عليه، ومن اليسير أن تغير برنامج حياتك في رمضان، مما لا يسهل في غيره من الشهور.
فهل يليق بالمسلم أن يغفل عن فرصة كهذه، فكأنها لم تكن؟!!
هل يصح أن يأتي رمضان ثم يمضي هكذا.
أكاد أصرخ في الناس الجالسين على المقهى، الناظرين إلى التلفاز، المتعلقين بالذي ما لو لم يضر فلن ينفع، أقل الأمر أنه سيضيع الوقت والعمر، وليس الوقت في رمضان كغيره من الأوقات، إنها رحمات وقربات وملائكة تطوف وتنزل بالخير، وأجواء ترفع فيها الدعوات ورب يعطي ويستجيب، ويرضى ويُكرم، ويفيض على الناس من بركاته.
أكاد أصرخ .. ليس هذا وقته، على الأقل ليس هذا وقته. إن في المسجد لذة لم تعرفوهابعد،في القرآن لذة، في الدعاء والضراعة لذة.
لا تسيروا حيث يكمن الشياطين، فإنهم إذا رأوكم لم يُفلتوكم.
فبعض الناس خرج من رمضان بالغنيمة، وبعضهم اغتالته شياطين الليل، وقد كان المنادي ينادي "يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر"، فصار بعد رمضان ينادي: أسعد أم سعيد؟
التعليقات
إرسال تعليقك