ملخص المقال
ثقافة الطفل، الطفل العربي والمسلم وثقافة الغير، تربية الطفل والتلفاز، تحديات في مواجهة الطفل العربي والمسلم..المزيد
تحديات في مواجهة الطفل العربي والمسلم
ماذا أعددنا للطفل العربي المسلم أمام الانفتاح الإعلامي المتسارع والتواجد الكوني في كل بيت يفرض ـ طوعا أو كرها ـ ثقافات تسعى في كثير من مفرداتها إلى تغيير الإنسان وثوابته، نعم نؤمن بالتغيير فتلك سُنّة الله ولكن تظل الثوابت في المعتقد والأخلاق والتصورات، نخالف الغرب في هذا، فهو لايؤمن بالثوابت إلاّ إذا كانت للمصالح القومية المادية ووفق مقتضيات النفع بما يؤدي إلى جلب الكسب ودفع الخسائر، ونؤكد أنه لا توجد مشكلة في أخذ ما لدى الآخر إن كان في المعطيات الحضارية بخلاف من يرفض كل ذلك أو يأخذ الغثّ بالتقليد الأعمى، وقد سبق للمسلمين الأوائل أن أخذوا أفضل ما عند الأمم من حضارة وثقافة، بل قادت الأمة الإسلامية الأمم المهتدية بعد أن انصهرت في الأمة الواحدة الدولة الإسلامية ولا تزال عطاءاتُها ماثلة في تراثنا العملاق.
ونتساءل هل ما يقدّم من خلال الإعلام الآن يصلح للطفل، كل طفل؟
للأسف يؤكد المتخصصون أنه ليس ملائمًا لكل طفل وفي كل وقت قاله الغربيون و الشرقيون على حد سواء، فما يقدّم قد يعجب الغرب والشرق وقد يلائم الغرب دون الشرق، وقد يرفضه الجميع !
آلة الإعلام توجّه وتؤثر وبقيم خاصة تفرضها - بالإبهار والتشويق لإيجاد شعوب لها هوية جديدة ملائمة لقبول ما يقدم أو موالية "للقطب الأوحد" بعدما سيطرت عليها ثقافات وافدة وكانت نقطة البداية هي الطفل.
تربية الطفل العربي ودور خطير للتلفاز
لا يمكن إنكار دور "التلفاز" كمؤثر قوي في تربية الطفل وهو يعتد على المؤثر الصوتي المرئي، ويعرض القصة بإثارتها وآثارها، ولو علمنا أن أكثر من 60 % من الأطفال يعتمدون على التلفاز في مشاهدة المواد الخاصة بالطفل، مما يؤكد عمق الأثر الذي يتركه في الشخصية، وما يؤكده المختصون أنه " من أخطر المصادر الموجهة لما يعتمد عليه من إثارة وتأثير بل له دور في صياغة عواطف الطفل في إطار ما يقدم من مواد متنوعة تثير خيال الطفل وتغرس فيه القيم ما يعد مقبولا أو مرفوضا أو مفروضا ".
تؤكد الدكتورة فاطمة أحمد خليل أبو ظريفة في كتابها الذي صدر منذ أعوام ( الرسوم المتحركة والطفل ) : " في الوسائل المؤثرة على الطفل والقادرة على جذبه التلفزيون، أن الرسوم المتحركة هي أكثر برامج الأطفال قبولا ومتابعة لما تتميز به من خيال وألوان جذابة مما يدعو الطفل للمتابعة بتشوق حيث تتميز الأفلام الكرتونية بالإتقان الفني والإخراج البديع بشكل يدعو للإعجاب والانبهار ليس من قبل الصغار فحسب بل من قبل الكبار أيضا فهي مادة مسلية مرحة خيالية إلى أبعد الحدود ".
والكارتون وسيلة من أهم وسائل التثقيف للطفل ولا يمكن مقارنتها بالكتاب الآن كما يذكر عدد من المتخصصين لأن الفيلم يحمل عنصر التشويق من خلال القدرة على تنفيذ أي فكرة واقعية أو خيالية، حدثت في الزمان الماضي أو الحاضر أو تحدث في بيئة افتراضية، وفيلم مدته 90 دقيقة يصل في أثره آلافَ الكتب فضلا عن قدرة التلفزيون وما يحوي من جذب الطفل وشغله عن القفز، واللعب غير المنضبط الذي تعاني منه الأمهات في البيوت لقد أصبح التلفزيون ـ بقدرة قادر ـ هو المربي، والذي يصنع القرار لدفع الطفل إلى الطريق الذي يراد له أن يسلكه.
ونلحظ الدعوة الملحة التي لا تفتر أنّـه لا بد من التغيير في المناهج الدراسية في الدول الإسلامية، وتحجيم التعليم الديني، والعمل الخيري في الدول الإسلامية والتضييق على العاملين فيه حتى لو كانت الدولة هي التي تشرف عليه بصورة مباشرة، وإيجاد صيغة مقبولة غربيًا للإسلام، ونلحظ وصف المسلمين أنهم لا يقبلون الآخر إلى غير ذلك، وتعرض المسلمين للأذى في مقدساتهم مثلما حدث من الرسوم التي أساءت إلى الرسول r وأثارت حفيظة المسلمين في العالم كافة، وكلها تؤكد ما نرمي إليه، وإن أسفر عن وجهه القبيح منذ الحدث البشع الذي ألصق بالمسلمين أو قامت به فئة ما لتحقيق مصالح أكبر من تدمير ُبـرجيّ التجارة في "منهاتن" وما ما يعقب ذلك من تداعيات.
فرض ثقافة الغير
الجانب الإعلامي الواسع الطيف الموجّه للناسِ كافة يتحتّم أن يؤمنَ به الآخر ـ والمسلمين بالذات ـ طوعًا أو كَرهًا، ولكن الصراع قد بدأ بلا ملامح بيِّنة على انتهائه إلاّ أن يطفئ اللهُ نار الحرب، ويأخذ الإعلام _بكفة وسائله_ الجانب الهام في تكريس الثقافات والعادات والمعتقدات الوافدة، و بالنسبة للصغار الذين لا يملكون التفاعلية فيما يعرض ولا دفع الضرر لما يعرض عليهم، والنقد لما يجدون فيه ما يخالف الثوابت بل يسيطر عليهم التقليد العفوي، والانفعال بما يقدم واستقبال الأفكار على أساس أنها المسلّمات الأفضل، بفرض أن الكبار قد بلغوا من الرشد مما يؤهلهم لإبداء الرأي والمقاومة والنقد.
التقليد القاتل
نلحظ في بيوتنا التغيير السريع في الطفل من أثر التلفزيون في سلوكياته، فالطفل وجدناه قد أشعل الشمعة ـ مأخوذة من بعض الطقوس الدينية في الشرق والغرب، ويأتي بطقوس صلاة وثنية، أو يقوم بتقليد رسم الصليب، أو يبتهل أمام المخلّص تمثال ـ السيد المسيح u ـ لأنه رأى في كثير من المسلسلات والأفلام مسلسل "سالي" الشهير الراهبة تبتهل وتدعو الربّ ـ السيد المسيح أن يبارك في الطعام ولا يحرم البيت من البركات...، ووجدنا التجرؤ على ذات الله بصورة ساخرة بلغ الذروة ـ في حلقات "توم وجيري" فضلا عن إيحاءات " السوبرمان " الرجل الخارق الذي يخترق حاجز "المكان والزمان" فتمتد يد إنقاذه " للمظلوم " بين المشرق والمغرب في لمح البصر أو هو أقرب، وأيضا نجد الكهنة والسحرة في أفلام تقدم للناشئة لهم قدرات كإحياء الموتى والإسعاد والإتعاس، والنفع والضر وأن الساحرة "الطيبة" في فيلم سندريلا الكارتون الكلاسيكي الجذاب قادرة على إسعاد الفتاة المغلوبة على أمرها من امرأة شريرة "سندريلا"، ثم وجدنا السحر كيف أنه يغير الأشكال ويبعث الموتى ويحوّل الكائنات فضلا عن إنزال المطر، وتسخير الصواعق، والسيطرة على الظواهر الطبيعية، وكلها تعود لجوانب خرافية وأسطورية متواجدة في الذهنية الغربية mithology،ومقتبسة مما يعتقدون، والعقلية الغربية تحمل هذه الرواسب الوثنية والخرافة في تراثهم ـ كما ذكرنا ـ اختلطت جميعا بالمسيحية وكلها تشوه المعتقد في نفس الطفل ويصعب استعادة التوازن الإيماني،ويعلي من شأن العنف الموجه للطفل من خلال ما يعرض عبر الشاشة، ومما يبعث على العجب أن العنف يأخذ طابعا أقوى مما يقدم للكبار بـ 12 ضعفا كما أشارت الأبحاث، نجد فيه القتل، وتقطيع الأطراف والإلقاء من الارتفاعات شاهقة، والقتل بالسم، والحرق وغيرها. ورأينا الإيحاءات الجنسية بالعناق، والقبلات والتعري والانحرافات المختلفة والاجتراء على المحرمات مثل ارتياد الحانات، ولعب الميسر وشرب الخمر.
التعليقات
إرسال تعليقك