ملخص المقال
كان منذر بن سعيد نحويًا فاضلًا، وشاعرًا بليغًا، كما كان وقورًا صليبًا في الحكم مقدمًا على إقامة العدل والحق، ولم تحفظ له قضية جور.
نسب منذر بن سعيد ومولده
هو الإمام المحدث الفقيه العالم العامل القاضي العادل[1]، منذر بن سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن قاسم بن عبد الله البلوطي الكزني، أبا الحكم الأندلسي، وهو من أهل قرطبة[2]، ينسب إلى قبيلة يقال لها: كزنة، وهو من موضع قريب من قرطبة، يقال له: فحص البلوط[3]، ولد سنة 273هـ= 886م[4]، وذكر البعض أنه ولد سنة 265هـ[5].
مناقب منذر بن سعيد وعلمه
كان نحويًا فاضلًا وخطيبًا مصقعًا وشاعرًا بليغًا، اتصل بالخليفة عبد الرحمن الناصر فحظي عنده، ثم عند ابنه الحكم من بعده، وكان سبب اتصاله بالناصر ما ظهر من بلاغته، فقرّبه وولاه الصلاة والخطابة في المسجد الجامع بالزهراء، ثم ولاه قضاء الجماعة بقرطبة سنة 339هـ، ولما توفي الناصر وولي ابنه الحكم أقرّه على القضاء، وكان منذر وقورًا صليبًا في الحكم مقدمًا على إقامة العدل والحق وإزهاق الجور والباطل آمرًا بالمعروف ناهيا عن المنكر[6]، فلم يزل قاضيا إلى أن توفي؛ ولم تحفظ له قضية جور، ولا جربت عليه في أحكامه زلة[7].
قال ابن بشكوال في بعض كتبه: منذر بن سعيد خطيب بليغ مصقع[8]، لم يكن بالأندلس أخطب منه، مع العلم البارع، والمعرفة الكاملة، واليقين في العلوم، والدين، والورع، وكثرة الصيام، والتهجد، والصدع بالحق،كان لا تأخذه في الله لومة لائم، وقال أمير المؤمنين الحكم بن عبد الرحمن الناصر: كان فقيهًا، فصيحًا، خطيبًا، لم يسمع بالأندلس أخطب منه، وكان أعلم الناس باختلاف العلماء، شاعرًا لبيبًا أديبًا[9].
مذهب منذر بن سعيد
سمع منذر بن سعيد بالأندلس، ورحل حاجًا سنة 308 هـ، فأقام في رحلته أربعين شهرًا، أخذ بها عن بعض علماء مصر ومكة، وغلب عليه التفقه بمذهب داود (المذهب الظاهري)[10]، فكان ظاهري المذهب[11]، وكان مذهبه في الفقه مذهب النظار والاحتجاج، وترك التقليد، وكان بصيرًا بالجدل، منحرفًا إلى مذهب أهل الكلام[12]، وذكره أمير المؤمنين الحكم بن عبد الرحمن الناصر فقال: كان مذهبه النظر والجدل، يميل إلى مذهب داود بن علي، وذكره محمد بن حارث القروي، فقال: كان من أهل النفاذ والتحصيل، متدربًا للمناظرة، متخلقًا بالإنصاف، جيد الفهم، طويل العلم، بليغًا موجزًا، يميل إلى طرق الفضائل، ويوالي أهلها، ويلهج بأخبار الصالحين[13]، وكان سعيد يؤثر مذهبه، ويحتج بمقالته، ويأخذ بها لنفسه، فإذا جلس مجلس الحكومة، قضى بمذهب مالك الذي عليه العمل في بلده[14].
وفاة منذر بن سعيد ومصنفاته
توفي منذر بن سعيد في سنة 355هـ= 966م[15]، لمنذر بن سعيد كتب مشهورة كثيرة مؤلفة: في القرآن، والفقه، والسُنَّة والورع والردّ على أهل الأهواء والبدع. ومن مصنفاته المتداولة: كتاب الناسخ والمنسوخ، كما له رسائل وخطب مجموعة، وأشعار متفرقة[16]، ومن تصانيفه أيضًا: كتاب الإنباه عن الأحكام من كتاب الله، وكتاب الإبانة عن حقائق أصول الديانة[17].
[1]محمد مخلوف: شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، تعليق: عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلمية، لبنان، الطبعة الأولى، 1424هـ= 2003م، 1/ 135.
[2] ابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الثانية، 1408هـ= 1988م، 2/ 142.
[3] الذهبي: سير أعلام النبلاء، تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1405هـ= 1985م، 16/ 173.
[4][4] ابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس، 2/ 143.
[5] ياقوت الحموي: معجم الأدباء= إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، تحقيق: إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1414هـ= 1993م، 6/ 2717.
[6] ياقوت الحموي: معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، 6/ 2717- 2718.
[7] ابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس، 2/ 142.
[8] الخطيب المصقع: البليغ الماهر في خطبته.
[9] الذهبي: سير أعلام النبلاء، 16/ 174، 175.
[10] عادل نويهض: معجم المفسرين، مؤسسة نويهض الثقافية للتأليف والترجمة والنشر، بيروت، لبنان
الطبعة الثالثة، 1409هـ= 1988م، 2/ 686.
[11] الطيب بامخرمة: قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر، دار المنهاج، جدة، الطبعة الأولى، 1428هـ= 2008م، 3/ 157.
[12] ابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس، 2/ 142، 143.
[13] الذهبي: سير أعلام النبلاء، 16/ 175.
[14] عادل نويهض: معجم المفسرين، 2/ 686.
[15] الذهبي: سير أعلام النبلاء، 16/ 178.
[16] ياقوت الحموي: معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، 6/ 2718.
[17] الذهبي: سير أعلام النبلاء، 16/ 174.
التعليقات
إرسال تعليقك