ملخص المقال
مرثد الغنوي، صحابي جليل من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، عُرف عنه القوة وشدة البأس، ولذلك كان يقوم بنقل الأسارى المسلمين من مكة إلى المدينة سرًا.
هو مرثد بن أبي مرثد الغنوي، صحابي، وأبوه صحابي، كان من السابقين الأولين، ومن المهاجرين، وحينما هاجر إلى المدينة، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أوس بن الصامت أخي عبادة بن الصامت، وقد شهد مرثد الغنوي غزوة بدر، وأبلى فيها بلاءً حسنًا.
عُرف عن مرثد القوة والشدة والبأس، ولذلك كان يقوم بمهمة من أخطر المهام، وهي نقل الأسارى والمستضعفين من المسلمين من مكة إلى المدينة سرًا، وفي إحدى مهامه كان قد وعد رجلًا من أسرى مكة يحمله من مكة إلى المدينة، ولكن في ذهابه إليه أبصرت به امرأة من بغايا أهل مكة يُقال لها عَناق، أبصرت به في أحد الأحياء بمكة، وكانت عَناق هذه صديقةً له في الجاهلية، ولـمـــّـــا أبصرت به عرفته ودعته إلى أن يقضي الليلة معها كما كان يفعل في الجاهلية، ولكنه أبى وقال لها: يا عَناق إن الله عزّ وجلّ حرّم الزنا.
وهنا صاحت عَناق بأعلى صوتها كاشفة عنه: يا أهل مكة، هذا مرثد الذي يحمل الأسرى من مكة، وقد دوَّى صوتها في أهل الحي الذين كانوا يتربصون بـمرثد كل شر وسوء، يقول مرثد: فاتبعني ثمانية رجال، وسلكت الخندمة (جبل بمكة)، فانتهيت إلى كهف فدخلته، وجاؤوا حتى أقاموا على رأسي، وعمَّاهم الله عنّي ثم رجعوا، ورجعت إلى صاحبي فحملته، وكان رجلًا ثقيلًا، ففككت عنه قيوده، ثم جعلت أحمله حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أنكح عناقا؟ فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يرد عليّ شيئًا حتى نزلت هذه الآية {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور: 3]، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم علي وقال: لا تنكحها.
توفي مرثد في شهر صفر سنة ثلاث من الهجرة على أشهر الأقوال، وذلك في غزوة الرجيع الذي كان فيها أميرًا على سرية قوامها ستة نفر، وقيل: عشرة، وخرج عليهم مئة رجل مجهزين بالسلاح والعتاد، فلم يَسْتَكِنْ مرثد ولم يستسلم للأسر، وقاتل هو ورفاقه ما وسعهم القتال، حتى انتهى أمره شهيدًا على أرض المعركة[1].
[1] ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ= 1992م، 3/ 1383- 1386، وابن الأثير: أسد الغابة، تحقيق: علي محمد معوض، عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1415هـ= 1994م، 5/ 132، والمقريزي: إمتاع الأسماع، المحقق: محمد عبد الحميد النميسي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1420هـ= 1999م،1/ 185، وابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415هـ، 6/ 55، 56.
التعليقات
إرسال تعليقك