ملخص المقال
التاريخ الإسلامي ذاخر بكتب كثير من الأعلام في مختلف مجالات المعرفة، من هؤلاء الأعلام ثلاث أخوة هم من أبرز علماء القرن السادس الهجري.
التاريخ الإسلامي ذاخر بكتب كثير من الأعلام في مختلف مجالات المعرفة، من هؤلاء الأعلام ثلاثة إخوة تكاد تكون مؤلفاتهم مكتبةً لوحدها، هؤلاء الإخوة نشأوا في مدينة الموصل، التي كانت إحدى منارات العلم في التاريخ الإسلامي، وهم من أبرز علماء القرن السادس الهجري.
أبوهم (محمد بن عبد الكريم الجزري) الملقب بأثير الدين كان نائب وزير الموصل في إمارة الزنكيين، وكان على حظٍّ كبيرٍ من الفطنة والعلم والثراء، ربَّى أولاده على أفضل ما تكون التربية.
وُلِد الإخوة الثلاثة بجزيرة ابن عمر، التابعة للموصل، وإليها انتسبوا، فقيل لكل منهم «الجَزَرِي» وهي بلدةٌ تقع على ضفَّة دجلة، رحل أثير الدين بأولاده إلى الموصل سنة 565هـ، وكانت تزخر بالعلماء والمدارس فنهل أبناء الأثير العلم منها، وهم:
الأول: عالم في علــــــــــــم الحديــــــــــــث
وهو (مجد الدين أبو السعادات) المبارك، ولد سنة 544هـ= 1150م، وتوفى سنة 606هـ= 1210م، وهو أحد العلماء الأفذاذ وعلَّامة في التفسير والحديث والفقه والأصول واللغة، وأحاط بثقافة عصره فذاع صيته، واشتهر بورعه وخلقه المستقيم وفضله وإحسانه، ويُزيِّن ذلك عقلٌ كبيرٌ وفكرٌ نيِّرٌ ومهابة.
كما كان أبو السعادات شديد التواضع، ينسب الفضل لذويه ويُعلي من شأن العلماء الذين سبقوه، وقد عرضت عليه الوزارة أكثر من مرة فأباها ليتفرَّغ للعلم والتأليف.
له كتب في النحو وفي التراجم وفي الأدب وفي الحديث، أهمها: «جامع الأصول في أحاديث الرسول» وهو أعظمها وأشهرها، و«النهاية في غريب الحديث والأثر»؛ فهو مختص بشرح معاني الكلمات الغريبة من الحديث النبوي.
الثاني: عالم في الــــــــــــــــــــــــــــــــتاريخ
هو (عز الدين أبو الحسن)، ولد في سنة 555هـ= 1160م، وتوفي في سنة 630هـ= 1233م، مؤرِّخٌ وعالمٌ بالحديث وأنساب العرب، أخذ في تحصيل العلم على شيوخ الجزيرة والموصل والشام واهتمَّ بعلومٍ عدَّة، ولمع اسمه في الشام لتردُّده عليها أكثر من مرَّة، وعقده صداقات مع علمائها ورجالها البارزين ومع أبناء الأسرة الأيوبية؛ حيث خرج مع صلاح الدين الأيوبي في غزو الفرنجة الصليبيين.
كتب عز الدين في الموضوعات التاريخية المختلفة؛ كالتاريخ العام، وتاريخ الأسر الحاكمة، والتراجم والأنساب، ووضَّح في كتبه فوائد التاريخ والعبر التي يجنيها قراؤه من معرفة حوادث الأمم السالفة وأخبارها، وأشهر مؤلفاته في التاريخ: «الكامل في التاريخ» وهو كتاب في التاريخ العام، ويُعدُّ قمَّةً في الكتابة التاريخيَّة، ومن كتبه -أيضًا- (تاريخ أتابكة الموصل) و(أسد الغابة في معرفة الصحابة).
الثالث: عالم في عـــــــــــــــــــــــلوم الأدب العربي
هو (ضياء الدين أبو الفتح) نصر الله، ولد سنة 558هـ= 1163م، وتوفى سنة 637هـ= 1239م، أديبٌ ونحوي، بل كان من ذوي النبوغ في العلوم الأدبيَّة، وله كتبٌ قيِّمة، منها: كتاب (الوشي المرقوم في حلى المنظوم)، و(المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر) وجعله في الأدب والبلاغة والنقد [1].
[1] ابن الأثير: أسد الغابة، دار الفكر، بيروت، 1409هـ= 1989م، 1/ 7، 8، والذهبي: سير أعلام النبلاء، تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناءوط، مؤسَّسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1405هـ= 1985م، 22/ 353، 356، والزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر، 2002 م، 4/ 331- 5/ 272- 8/ 31.
التعليقات
إرسال تعليقك