ملخص المقال
ظهر في العصر المرابطي جمهرة كبيرة من المحدثين والفقهاء، كان في مقدمتهم الإمام أبو علي الصدفي الذي كان لهم أكبر أثر في ذلك العصر.
ظهر في شبه الجزيرة الأندلسية، من أعلام المحدثين والفقهاء، في العصر المرابطي، جمهرة كبيرة، بلغ بعضهم في ميدانه أرفع مكانة، وكان في مقدمة هؤلاء الإمام أبو علي الصدفي الذي كان لهم أكبر أثر في ازدهار علوم السنة والفقه في ذلك العصر.
نسب أبو علي الصدفي ومولده
الإمام، العلامة، الحافظ، القاضي، أبو علي الحسين بن محمد بن فيره بن حيون بن سكرة الصدفي، الأندلسي، السرقسطي، ويعرف بابن الدّراج، قاض، محدَّث، كثير الرواية، أصله من سرقسطة، وبها كان مولده ونشأته، ودرس في سرقسطة وبلنسية وألميريا.
أبو علي الصدفي.. ورحلاته العلمية
رحل إلى المشرق رحلة واسعة في سنة 481هـ، فحج بمكة والتقى بإمام الحرمين، ثم صار إلى البصرة ودرس على أشهر علمائها، ثم خرج إلى بغداد سنة 482هـ، وأقام بها خمس سنين، وتعلم على يد شيوخها، ثم رحل عنها في سنة 487هـ، وتوجه نحو دمشق، ثم مصر.
وفي سنة 490هـ، عاد إلى الأندلس بعلم غزير وقصد مدينة مرسية واستوطنها، وأخذ يحدث الناس بجامعها، وقد ذاع صيته العلمي حتى رحل الناس من البلدان إليه، وكثر سماعهم عليه، واشتهر بالأخص بتبحره في علوم السنة، فكان عالمــًا بالحديث وطرقه، عارفًا بعلله وأسماء رجاله ونقلته، وكان حسن الخط، جيد الضبط وكتب بيده علمًا مثيراً وقيده، وكان حافظًا لمصنفات الحديث، قائمًا عليها، ذاكراً لمتونها وأسانيدها ورواتها، ولم يكن بشرق الأندلس في وقته مثله في تقييد الحديث وضبطه والعلو في روايته مع دينه وفضله وورعه وزهده، حيث كان فاضلًا دينًا، متواضعًا حليمًا، وقورًا عالمـــًا عاملًا.
وقد أرسل إليه والي مرسية وطلب منه أن يتولى القضاء إلا أن الشيخ أبو علي الصدفي رفض، ومع تصميم الوالي على توليته قبل ذلك مكرهًا ولكنه بعد ذلك طلب من الوالي أن يعفيه فعفاه، وانتقل إلى المرية، وأقبل على نشر العلم وتدريسه، فهرع الناس لسماعه والأخذ عليه، وكان أعظم حفاظ عصره، وكتب عدة كتب في الحديث.
أبو علي الصدفي.. جهاده ووفاته
كان الشيخ أبو علي الصدفي دائب الحث على الجهاد، وفي سنة 514هـ= 1120م نشبت بين المسلمين والنصارى في ظاهر بلدة صغيرة تسمى كتندة أو قتندة معركة عنيفة، كانت الدائرة فيها على المسلمين، فهزموا هزيمة شديدة، وسقط منهم في ميدان القتال، عدد كبير من الشهداء، وتنوه الروايات بنوع خاص بمن استشهد في الموقعة من العلماء والفقهاء، وفي مقدمتهم العلامة أبو علي الصدفي، وكان يومئذ من ابناء الستين[1]،[2]،[3]،[4]،[5]،[6]،[7].
[1] ابن بشكوال: الصلة في تاريخ أئمة الأندلس، مكتبة الخانجي، الطبعة الثانية، 1374هـ= 1955م، ص143، 144، و
[2] ابن عميرة: بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس، دار الكاتب العربي، القاهرة، 1967م، ص269.
[3] الذهبي: سير أعلام النبلاء، تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1405هـ= 1985م، 19/ 376- 378.
[4] ابن الابار: معجم أصحاب القاضي أبي علي الصدفي، مكتبة الثقافة الدينية، مصر، الطبعة الأولى، 1420هـ= 2000م، ص5، 6.
[5] المقري: أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض، تحقيق: مصطفى السقا- إبراهيم الإبياري- عبد العظيم شلبي، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1358هـ= 1939م، 3/ 151- 154.
[6] محمد عنان: دولة الإسلام في الأندلس، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الثانية، 1411هـ= 1990م، 3/ 455، 456.
[7] الزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر، 2002م، 2/ 255.
التعليقات
إرسال تعليقك