ملخص المقال
الحضارة الإسلامية ظلت الحضارة الأولى عالميًا لأكثر من عشرة قرون
في شهادته على العصر قال: أ.د. عبد الحليم عويس: الحضارة الإسلامية ظلت الحضارة الأولى عالميًا لأكثر من عشرة قرون
من هو الدكتور عبد الحليم عويس؟
الدكتور عبد الحليم عويس: واحد من مؤرخي الأمة الذين تركوا بصماتٍ ناصعة، سيَظل يَحفظها له جيلنا والأجيال اللاحقة؛ لأنه أزال الغبار عن الكثير مما اعتَرى التاريخ الإسلامي من تزويرٍ وتضليل، وفي هذا الحوار مع الوعي الإسلامي (في شهادته على العصر)، يقدِّم رؤية للتاريخ الإسلامي والتاريخ الحديث، وماذا يمكن أن يقدم الإسلام للحضارة الحديثة؟ وهل العالم مُقبل على حوار حضارات أم صراع حضارات؟! وما موقف المسلم الآن كفردٍ من الأزمة المعاصرة والتحدي العالمي؟
س: اختلفَت في القرن الماضي النظرة للتاريخ الإسلامي من مؤرخ لآخر ومن كاتب لآخر فما رؤيتكم للتاريخ الإسلامي عبر العصور المختلفة؟
أ.د. عبد الحليم عويس: تاريخ المسلمين يجب أن يُنظر إليه على أنه جهود المسلمين في محاولة تطبيق الإسلام في أرض الواقع على خطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان خُلُقُه القرآن، بل كان قرآنًا يمشي على الأرض، وكأفراد وجماعات أمكَن أن يمثِّلوا الإسلام عبر كل العصور الإسلامية، ولكن على درجات وبنِسَبٍ متفاوتة، ونسبة التمثيل قد تكون في عهد الراشدين تساوي 97% مثلًا، وفي العصر الأموي في حدود 29% مثلًا، وتظل النسبة تتحدَّر في العصور التالية، مع وجود عصورٍ أمكن فيها الرجوع إلى نموذج قريبٍ من العصر الراشدي المثالي - في عصر صلاح الدين الأيوبي، وفترة عمر بن عبد العزيز، وجهود دولة المرابطين في المغرب العربي، ومثل كثيرٍ من الحركات الجهادية والجماعات المجاهدة التي نشَرت الإسلام سلمًا في جنوب شرق آسيا وفي إفريقيا، كما أن دولًا كثيرة قامت بجهود جبَّارة في نشْر الإسلام؛ مثل: الدولة الغزنوية في الهند، ومثل جهود (أورانك زيب علم كير) في الهند.
وأيضًا لا تخلو فترة المماليك وفترات عثمانية كثيرة من تآلُف والتحامٍ بين الدولة والأمة في قضية الدعوة للإسلام.
والقول: إن الإسلام إن لَم يُطبَّق في بعض الفترات، يؤدي إلى العدمية وإلى إلغاء الوعي؛ لأننا نتساءَل: كيف بقِي الإسلام حتى هذا اليوم مع هذه الأقوال الشاذة؟
أ.د. عبد لحليم عويس: الحق أن طوائف كثيرة وطبقات كثيرة تماسَكت وتمثَّلت الإسلام؛ كطبقة المحتسبين، وطبقة القضاة والمرابطين على الثغور، والدعاة، وكانت التجارة والزراعة والصناعة تقوم أيضًا على مبادئ الإسلام العامة في الاقتصاد، وكانت الأسرة مبنية على المنهج الإسلامي، وكان التعليم إسلاميًا في المساجد و الكتاتيب، أو المدارس والجامعات، وهذا كله عند التحليل السليم نخلص إلى القول: إن الإسلام طُبِّقَ في بعض الفترات، ولم يُطبَّق في فترات أخرى، ويؤكد هذا وجود فئات كثيرة أنجزت تراثًا إسلاميًّا ضخمًا، وحضارة إسلامية ظلت متألِّقة أكثر من عشرة قرون، هي الحضارة الأولى في العالم، بينما كانت أوروبا تَعبث في ظلام العصور الوسطى، وحتى الباباوات - أمثال البابا (سلفستر الثاني) - تعلَّموا في جامعات المسلمين في قرطبة وإشبلية وغرناطة، ويكفي للمقارنة العابرة أن نَذكر أن مكتبة الحكم المستنصر بن عبد الرحمن الناصر، الذي حكم الأندلس بين سني 350هـ- 366هـ، كانت مكتبته تضم 400 ألف مجلد، بينما كانت أكبر مكتبة في كاتدرائيات أوروبا لا يَزيد عدد كُتبها عن 192 كتابًا.
وكانت المدينة ومكة والقاهرة، ودمشق وبجاية، والقيروان والبصرة والكوفة - حافلة بالتيارات الفكرية في كل العلوم، أما إخواننا في الهند، فلهم أفضال كثيرة في ميدان علوم الحديث والتفسير والفلك، وكذلك إخواننا في بلاد ما وراء النهر - مثل تركستان الشرقية والغربية - كانوا أفضل الناس في جمْع حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهكذا عاش الإسلام - عقيدة، وشريعة، وحضارةً - إلى أن جاءَت الغارة الأوروبية على العالم الإسلامي، مُمثلة في التنصير والمستشرقين، فأدخَلت قوانينها وفكرها، وعطَّلت تطبيق الشريعة - موقتًا - حتى ظهرت الصحوة الإسلامية، وحاوَلت أن تصل الحاضر بالماضي، وتَصنع حضارة جامعة بين الأصالة والمعاصرة، وإن كان بعض رموزها المنسوبين إليها قد أخطؤوا الطريق.
والحقيقة أن التنكُّر لهذا الماضي - كما يقول (شكيب أرسلان) - إنما يأتي من بعض المرضى والحمقى، الذين يريدون أن يَقطعوا جذورهم بأجدادهم، فالرجل الشريف لا يَفعل هذا؛ لأن الآباء حتى وإن أخطؤوا يجب أن نَستفيد من أخطائهم دون أن نَقطع صِلتنا بهم، ومع ذلك فلم نقل يومًا: إن التاريخ الإسلامي تاريخ ملائكة، بل قلنا دائمًا: إنه تاريخ بشرٍ، لكنه أسمى تاريخ للبشر بعد الأنبياء.
أيضًا كيف ترون سيادتكم التاريخ الحديث؟
أ.د. عبد الحليم عويس: بالنسبة للتاريخ الحديث، ولا سيما القرن الأخير الذي شهِد سقوط الخلافة الإسلامية سنة 1924م على يد الماسوني (كمال أتاتورك)، مرورًا بالانقلابات الثورية المعروفة، وظهور أحزاب كثيرةٍ تلتقي على التنكر للإسلام وخيانته - عقديًّا وسياسيًّا - وملء الشارع العربي بالكثير من الشعارات الكاذبة التي كانت بعيدة عن الواقع، واستعمال أبشع وسائل العنف مع الأمة المسلمة، وفرْض أيديولوجيات مبددة للطاقة، تنتمي إلى الشرق تارة وإلى الغرب تارة أخرى.
هذه الفترة كلها لعِبت فيها الصِّهيونية والماسونية ألعابًا كثيرة خفيَّة، وجنَّدت أحزابًا وأشخاصًا نجَحت في إيصالهم إلى الحكم، وأُحيط بعضهم بهالات كبيرة، وظهر بعضهم وكأنه صنم يُعْبَد من دون الله أو وَثَنٌ، وبدأت أيضًا عملية استدعاء الوثنيات القديمة - البابلية والآشورية، والفرعونية والطورانية، والمذاهب القومية - التي يُراد لها أن تحلَّ محل الإسلام، ويُستغنى بها عن الإسلام.
هذه الفترات التي مثَّلت القرن المنصرم، من الصعب أن تُقوَّم تقويمًا صحيحًا، أو أن تذكر حقائقها الآن؛ لأن بعض الوثائق محجوب عليها الظهور، ففي تركيا مثلًا - وبعد مرور أكثر من خمسين سنة - ما زال اسم (كمال أتاتورك) صنمًا يُمنع الكلام عليه كبشرٍ له أخطاؤه، ومَن يحاول أن يقترب من تاريخ هذا الرجل، يتعرَّض لأقسى العقوبات، على غرار فرْض اليهود لقوانين معاداة السامية، وأيضًا كشف حقيقة (الهولوكست)، أو المحارق النازية، فلا يمكن كتابة التاريخ في ظل هذا الإرهاب، ولا سيما أن رموزًا كثيرة تنتمي إلى هذه الفترات ما زالت في الحكم، ورموزًا كثيرة تستفيد من هذه الفترات المهلكة التي حاقت بالأمة بالكثير من النكسات والهزائم، وأضْعَفتها في كل بِنيتها التي تقوم عليها نَهضتها.
وأنا أتحدى مَن يستطيع أن يكتب التاريخ الحديث بكل وقائعه الحقيقية، إذا كان يعيش تحت مظلة هذه النُّظم، ولعل كاتبًا مثل (محمد جلال كشك)، هو الذي حاول الاقتراب من هذه المواقع التاريخية الساخنة، فكتب كتابه مثلاً (ثورة يوليو الأمريكية)، وكتب كتابات أخرى حول القومية والغزو الفكري، والماركسية، لكن هناك تعتيمٌ كامل على هذه الكتابات الآن.
إذًا ماذا يمكن أن يقدم الإسلام للحضارة الحديثة؟
أ.د. عبد الحليم عويس: الإسلام لن يقدم للحضارة الحديثة بعض الأدوية المُسكنة، أو بعض عمليات التجميل والتحسين، بل سيقدم في الحقيقة أُسسًا جديدة لبناء عالم جديد، بعد أن أوشك هذا العالم على الانهيار بكل جوانبه، فالموازين الثابتة للوجود الإنساني قد اختلَّت وأصبحت القوة بديلاً للحق، وعلى الحق أن يقبل منطق القوة - سواء أرضِي، أم أبى - وتلك كارثة إنسانية، وأصبح للشذوذ الإنساني قواعدُ مقننة.
فاللواط والسحاق: تعقد مؤتمرات عالمية من أجْل إباحتهما، فهل عُرِف في التاريخ مثل هذا السقوط؟! ولعل مؤتمرَي السكان في القاهرة وبكين، من أقوى الأدلة على ذلك.
إن ظهور الكيل بمكيالين بوضوح وتبجُّح على مستوى العالم، يعني أن العالم لم يعد مؤهلًا للبقاء، فمن شأن هذا الظلم أن يُنشئ الأحقاد، ويُديم الصراع، ولعل شياطين الإنس الذين اخترعوا صدام الحضارات، إنما يريدون تكريس هذا الصدام والظلم؛ لإبادة الإنسانية، وبقاء اليهود وحدهم على الأرض؛ لأنهم هم بنص توارتهم المستحقون وحْدهم للحياة، وبقية البشر مجرد بقر خلَقهم الله لخدمة اليهود كما يقول التلمود.
وقد انقلَبت المفاهيم، وأصبحت الحرية نوعًا من الحيوانية، وأصبَحت سيادة الشمال أو الرجل الأبيض، أو الأقلية المخترعة، أو التي يسمح لها بالاختراع، والتي تُمثل خُمس العالم هي الجديرة بالحياة.
أما الأربعة أخماس، كما يؤكد كتاب (فخ العولمة) الذي أصدَرته سلسلة عالم المعرفة بالكويت لكاتبين ألمانيين رائعين، فهم جديرون بالبطالة والإعانات الخيرية والموت جوعًا ومرضًا، وهكذا تبدو لوحة المستقبل قاتمة ما لم يتدخَّل الإسلام؛ ليُعيد للقيم المُطلقة مكانتها، وللمفاهيم الإنسانية حدودها وحَجمها، وليُحقق المساواة العالمية؛ امتثالاً لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: 13].
وأيضًا تحقيقًا للعدل والرحمة العالميين لكل الإنسانية؛ امتثالاً لقوله تعالى للنبي الكريم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾} [الأنبياء: 107].
وليعد للدين مكانته ودوره في الحياة المعاصرة، التي يُمكن أن نُطلق عليها بشيءٍ من التجاوز (عصر المسيح الدجال)، الذي لا ينظر إلا بعينٍ واحدة، هي عين القوة والمصلحة والمادة، ويَتنكر تمامًا للعين الأخرى التي هي عين الروح والحق، والأخوة والإنسانية المشتركة.
وإذا لم يقم المسلمون بدورهم، فسيُحاسبهم الله حسابًا كبيرًا على تفريطهم في الرسالة التي اختارهم الله تعالى لها، عندما قال لهم: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: 143].
هل هناك حوار حضارات أم صدام حضارات؟
أ.د. عبد الحليم عويس: الحياة لا تَنتظم إلا بحوار الحضارات، والقول بصدام الحضارات محاولة لجر الإنسانية إلى ازدهار الحروب، وهي ما يؤمن به اليهود؛ لأنهم تجارها والرابحون فيها دائمًا؛ ﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا﴾ [المائدة: 33]، ولو كان الأمر صراع حضارات، لَما بقِيت الإنسانية حتى اليوم، فالصراع والحروب استثناء، والقاعدة هي التفاعل التجاري والصناعي، والفكري والثقافي، والتعاون والأخذ والعطاء، والاستفادة من الإيجابيات الموجودة في كل حضارة، وبناء حضارة على أكتاف حضارات أخرى، أخَذت عصارتها وجوهرها، وصنَعت لنفسها مذاقًا خاصًّا، وطريقة خاصة، وهكذا فحوار الحضارات سُنَّة اجتماعية وإنسانية، والقول بالصدام قول صِهْيوني اخترَعه الصهاينة باسم (صموئيل هينتجتون)، وأساتذته من قبله من المستشرقين والمفكرين اليهود.
وقد أثبتت بعض الدراسات التي تحدَّثت عن حكومة العالم الخفية المتمثلة في الماسونية العالمية - أن اليهود كانوا وراء قتْل كثيرٍ من حُكام العالم الأوروبيين، الذين مالوا إلى السلام، وأرادوا إنقاذ أنفسهم من ويلات الحروب، فقتَلهم اليهود وستُثبت الأيام المقبلة كثيرًا من مخططات هؤلاء الصهاينة البروتوكولية، التي يَستنزفون بها العالم؛ من أجل أن تبقى السيادة والحكومة العالمية في أيديهم، ومع ذلك فأنا أقول للمسلمين:
لا بد أن تتمسكوا بأمرين معًا:
الأول: أنكم أمة دعوة بالحسنى، وحوار حضارات، ولا يجوز أن يستفزَّكم العدو؛ لكي تستعملوا وسائله الدنيئة، وتشاركوه في تخريب العالم.
فلنحافظ على أننا أمة ذات رسالة إنسانية، تقوم على الحب والسلام والتراحم والتكامل، ولا يجوز أن نَسمح لأنفسنا باستعمال الوسائل اليهودية الخسيسة.
والأمر الثاني: هو أن تَفهموا طبيعة عدوكم والقوى الشريرة التي تقف وراءه، فعدوكم الظاهر غير عدوكم الحقيقي الباطن، ولا تحلموا في القريب العاجل بتغيير أفكار أعدائكم، فهم سيظلون لفترة ما تطول أو تَقصر في موقع الصدام الحضاري، وموقع عدم الرضا عنكم والتربص بكم، وتحقيق المزيد من تمزيقكم وتخلُّفكم، وإبعادكم عن دينكم، وهذه هي المعادلة الصعبة.
موقف المسلم الآن كفرد من الأزمة المعاصرة والتحدي العالمي؟
أ.د. عبد الحليم عويس: علَّمنا الإسلام أن المسلم لم يكلف بأكثر من طاقته: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، و﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: 7]، فليس على المسلم الآن أن يقتل نفسه باليأس أو الهموم، عندما يفكر في الواقع الإسلامي العام، فاليأس كفر في الإسلام؛ ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: 87].
وعلى المسلم أن يُؤمن أنه لا يقع في كون الله، إلا ما يريد، وأن الله غالبٌ على أمره ولو كرِه الكافرون، من الواجب على الفرد المسلم أن يتسلَّح دائمًا بالأمل والثقة بوعود الله التي لا تتخلَّف، فقد وعَدنا أن يظهر الإسلام على الدين كله، ووعدنا أن العاقبة للمتقين.
وليبدأ المسلم بما يستطيع في مجال أسرته وجيرانه، وأرحامه وقريته، ومدينته ودولته، وصولًا إلى العمل الإسلامي العام، وعليه أن يكون فاعلًا وإيجابيًّا، وأن يعلم أن الصراع بين الحق والباطل من سُنن الله في الوجود، فلا يَهمه وجود الباطل أو قوَّته أو كثرته؛ لأن الله يقول: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 116]، ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يوسف: 103].
فعلى المسلم أن يبذل ما يستطيع، وأن يَفهم أن كلمة الجهاد ليستْ عن طريق السيوف فقط، فالجهاد حركة دائمة متجددة بأساليب حضارية مكتملة، تكفُل غرْس بذور الإيمان بأكبر طاقة مُمكنة، وعلينا أن نَعتمد على أن الأصل في علاقة المسلمين هي الأخوة التي هي أسمى من أي خلافات فرعية، وأن أصول الإسلام يلتقي عندها كل المسلمين.
فلا معنى للبقاء في خنادق اجتهادات فرعية، يحارب كلٌّ منا الآخر من خلالها، تحت شعارات بعيدة عن المصلحة الإسلامية العامة، ولا تَخلو من هوًى وغرضٍ، وليعلم المسلم بعد ذلك أن عمله لن يضيع سُدًى، وأن الله سيبارك في هذه الجهود المتناثرة، ولا سيما أن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، وأيضًا: ﴿إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾ [النساء: 104].
فليس أعداؤنا بمنجاة من انتقام الله، وليس بناؤهم مبنيًّا على النحو الذي نتصوره، وكل ما هنالك أنه كما قال الشيخ الغزالي:
(يمتدون في فراغ ولا يجدون رجالًا عمليين واقعيين، مُستعينين بسُنن الله، يأخذون بالأسباب الحقيقة، وتَمتلئ قلوبهم بالحب لإخوانهم والإنسانية كلها).
التعليقات
إرسال تعليقك