ملخص المقال
كان شهاب الدين النويري من بين أقطاب العلماء الذين طالعونا بالتأليف الموسوعي، فهو صاحب الكتاب المعروف بنهاية الأرب في فنون الأدب
بدأ التأليف العربي على الطريقة الموسوعية في القرن الرابع الهجري، غير أن هذا النوع من التأليف لم يستمر بنفس الوتيرة حتى القرن الثامن الهجري الذي امتاز لاسيما في مصر بظاهرة ثقافية مميزة، حيث ظهرت فيه طائفة من العلماء الذين جمعوا أشتات العلوم والفنون المعروفة في هذا العصر في مؤلفات جامعة لم تعرفها الآداب العربية من قبل، وكان من بين أقطاب هذه الطائفة وأحد من طالعونا في هذا العصر بالتأليف الموسوعي الشيخ الإمام المؤرخ الفقيه شهاب الدين النويري صاحب الكتاب الموسوعي المعروف بنهاية الأرب في فنون الأدب.
شهاب الدين النويري.. نسبه ومولده
هو الشيخ الإمام المؤرخ الفقيه شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الوهاب بن أحمد بن عبد الوهاب بن عبادة البكري النويري، عالم غزير الاطلاع، نسبته إلى قرية النويرة، وهي من قرى بني سويف بصعيد مصر، وقد اختلف في نسبه كثير من المؤرخين ممن أرّخوا له مثل المقريزي وابن تغري بردي والسيوطي، وُلد النويري في سنة 677هـ= 1278م.
شهاب الدين النويري.. حياته وعلمه
كان النويري شافعي المذهب، بل كان شيخًا من شيوخ المذهب الشافعي في عصره، وعاش حياته في عهد سلطان دولة المماليك الملك المنصور قلاوون، وعهد ولديه الملك الأشرف، والملك الناصر، وقد اتصل بالسلطان الملك الناصر ووكله السلطان في بعض أموره، وولّاه بعض المناصب.
وكما فرَّغ النويري نهاره للعمل فرغ مساءه للعبادة، حيث كان كل يوم بعد العصر يستفتح قراءة القرآن إلى قريب من المغرب، وإذا أمسى أخذ في القراءة والجمع فكان يكتب في اليوم ثلاث كراريس، وقيل: إنه كتب صحيح البخاري ثماني مرات، وكان يبيع كل نسخة من البخاري بخطه بألف درهم.
شهاب الدين النويري.. ونهاية الأرب في فنون الأدب
هذا الكتاب (نهاية الأرب في فنون الأدب) المعروف (بتاريخ النويري) والذي يضم ثلاثين مجلدًا، قد يُفهم من عنوانه أنه يعالج موضوعًا واحدًا وهو الجانب الأدبي، ولكنه كتاب يحتوي على موسوعة ضخمة تجمع بين الأدب والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والاجتماع والعلوم الدينية ونظم الحكم والتراجم والفنون والعلوم، وغير ذلك من ضروب المعرفة التي تجعل منه دائرة معارف ثمينة يفخر بها الفكر العربي وتعتز بها الحضارة العربية الإسلامية في العصور الوسطى.
شهاب الدين النويري.. وأقوال المؤرخين
المؤرّخون يُجمعون على نعت شهاب الدين النويري بحميد الصفات، قال الأدفوي: كان ذكي الفطرة حسن الشكل فيه مكرمة وأريحية وودّ لأصحابه، وقال ابن حجر: وَكَانَ حسن الشكل ظريفًا متوددًا، وقال ابن كثير: كان لطيف المعاني ناسخًا مطبقًا... وبالجملة كان نادرًا في وقته، وقال ابن تغري بردي: كان فقيهًا فاضلًا مؤرخًا بارعًا، وله مشاركة جيدة في علوم كثيرة، وقال: ابن حبيب وقد جود في صفته: أديب تضاعف أدبه، وظهر سعيه ودأبه، وارتفعت منازله ورُتَبه، واشتهرت مؤلفاته وكتبه، كان لطيف الذات حسن الصفاء والصفات، جميل المحاضرة، بديع المذاكرة، حصّل وجمع، وأفاد ونفع.
وفاة شهاب الدين النويري
توفى شهاب الدين النويري، في يوم الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة 733هـ= 1333م، وقيل: سنة ثلاث وثلاثين، وكان حينئذ من أبناء الخمسين، وكان قد حصل له وجع في أطراف أصابع يديه، وكان ذلك سبب موته[1].
[1] الأدفوي: الطالع السعيد الجامع أسماء نجباء الصعيد، تحقيق: سعد محمد حسن، الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1966م، ص96، 97، وابن حجر العسقلاني: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، تحقيق: مجلس دائرة المعارف العثمانية، صيدر، اباد، الهند، الطبعة الثانية، 1392هـ= 1972م، 1/ 231، وابن كثير: البداية والنهاية، دار الفكر، 1407هـ= 1986م، 14/ 164، وابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، مصر، 9/ 299، والزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة، 2002م، 1/ 165، ومقدمة كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب لشهاب الدين النويري، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، الطبعة الأولى، 1423هـ، 1/ 3- 11.
التعليقات
إرسال تعليقك