التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
كانت معركة ڤارنا بين العثمانيين والجيش الصليبي من أهم المعارك في التاريخ الأوروبي، ومع أنها كانت معركة يوم واحد إلا أن نتائجها كانت حاسمة للغاية.
في سنة 1444م تقدَّم السلطان مراد الثاني بعرض اتِّفاقيَّة سلامٍ مع المملكة المتَّحدة للمجر وبولندا موسِّطًا في ذلك زعيم الصرب برانكوڤيتش، ويبدو أنَّ المجر وبولندا كانا يُعانيان من الحرب مع الدولة العثمانية، فقُبِلَت فكرة السلام، ودارت المباحثات بين الطرفين في شهور الصيف عام 1444م[28]، وبعد جدالٍ طويلٍ توصَّل الطرفان -العثماني والأوروبي- إلى معاهدة سلامٍ بين الطرفين، وكان توقيعها في مدينة سسيچيد Szeged المجريَّة؛ لذلك عُرِفَت المعاهدة باسم «سلام سسيچيد» «Peace of Szeged»، وتمَّ الحلف على بنودها في يوم 15 أغسطس 1444م[30][31][32]، ثم عقد السلطان مراد الثاني معاهدة سلام أخرى في الشهر نفسه -أي أغسطس 1444م- مع إمارة قرمان[33].
هكذا ظنَّ مراد الثاني أنَّ الأمور صارت على ما يرام، وأنَّ الهدوء السياسي والعسكري سيسود البلاد لفترةٍ طويلة؛ لذلك، وبنفسيَّةٍ مرهقة، أخذ قرارًا هو من أعجب قراراته مطلقًا؛ بل من أعجب القرارات في تاريخ الدولة العثمانيَّة، إن لم يكن في التاريخ العالمي كلِّه!
كان القرار الذي أخذه السلطان مراد الثاني في أغسطس 1444م، بعد معاهدات السلام التي عقدها مع القوى الصليبية وإمارة قرمان، هو التنازل عن الحكم لابنه الأمير محمد وليِّ العهد، وهو البالغ من عمره آنذاك اثني عشر عامًا ونصف[34][35][36]!!
كان القرار صادمًا لكلِّ رجال الدولة، ومفاجِئًا لكلِّ المتابعين للأحداث، خاصَّةً أنَّ السلطان مرادًا الثاني لم يبقَ في العاصمة إدرنة بعد قرار التنازل؛ إنَّما انسحب إلى مانيسا بعد أن أعطى العرش لابنه الصغير[37].
والحقُّ أنَّ القرار عجيبٌ من أكثر من وجه!
الوجه الأوَّل: أنَّ السلطان مرادًا الثاني -المتنازل عن العرش- كان يبلغ من العمر حين تنازل إحدى وأربعين سنةً فقط؛ أي في عنفوان شبابه، ولم يكن مريضًا أو مصابًا؛ كما يدلُّ على ذلك سياق الأحداث.
الوجه الثاني: أنَّ المتنازَل له -وهو الأمير محمد- لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره!
الوجه الثالث: أنَّ الظروف السياسيَّة والعسكريَّة التي تمرُّ بها الدولة العثمانيَّة في غاية الصعوبة؛ فهناك كتلةٌ كاثوليكيَّةٌ كبرى قد تكوَّنت في شمالها، وهي اتِّحاد المجر وبولندا تحت قيادة ڤلاديسلاڤ الثالث، وهي كتلةٌ تُمثِّل تهديدًا خطرًا للدولة العثمانيَّة، خاصَّةً مع وجود بابا متحفِّز للحروب الصليبيَّة كالبابا أوچين الرابع، ناهيك عن خطورة استقلال إمارة صربيا، ورغبة الدولة البيزنطيَّة في الاستعانة بالكاثوليك، وتمرُّد قرمان المتكرِّر.
الوجه الرابع: هو توقيت التنازل؛ فالمعاهدة مع المجر وبولندا لم يمضِ عليها إلا أيَّام، ولا يُستبْعَد أن يغدروا في عهدهم عند تبدُّل الظروف في الدولة العثمانيَّة، حتى في حال عدم غدرهم فإنَّ التطوُّرات المستقبليَّة في المنطقة غير معلومة، خاصَّةً مع اضطرابات ألبانيا، بالإضافة إلى الاضطرابات الداخليَّة في الجيش العثماني.
الوجه الخامس والأخير: هو أنَّ العائلة العثمانيَّة صغيرةٌ للغاية؛ فليس هناك إلى جوار الأمير محمد أعمامٌ أو أولاد أعمامٍ يُمكن أن يقفوا معه في هذه المهمَّة؛ إنَّما أوكل الأمر إلى رجال الدولة المختلفين، وكلهم من عائلاتٍ تركيَّةٍ غير عثمانيَّة، وكان على رأسهم الصدر الأعظم خليل باشا چاندرلي Çandarli Halil Pasha، وهو من عائلة چاندرلي التركيَّة المرموقة، وكان قد تولَّى رئاسة الوزراء منذ عام 1439[38]؛ ومع كونه شخصيَّةً مأمونة، إلَّا أنَّ عائلة چاندرلي عائلةٌ كبيرة؛ بل لعلَّها أكبر من العائلة العثمانيَّة نفسها، وقد تولَّى أفرادها رئاسة الوزراء في الدولة العثمانيَّة عدَّة مرَّات بدايةً من سنة 1380[39]؛ أي قبل هذه الأحداث بأكثر من ستِّين سنة، وهذا كلُّه قد يُنذر بحدوث فتنةٍ في داخل الدولة العثمانيَّة إذا ما فكَّر أفراد هذه العائلة في الانفراد بالحكم؛ وذلك في ظلِّ وجود طفلٍ صغيرٍ على العرش، هذه كلُّها وجوهٌ تدعو للعجب من هذا القرار المفاجئ؛ فالأمر كان متعلِّقًا بأمن دولةٍ كبيرةٍ واستقرارها.
لقد أثلج الخبر صدور المجريِّين والبولنديِّين والبابا في روما، وتحرَّك مبعوث البابا چوليانو سيزاريني لإقناع ڤلاديسلاڤ الثالث ملك بولندا والمجر، وكذلك چون هونيادي الزعيم المجري الكبير، لقطع معاهدة سسيچيد مع الدولة العثمانيَّة، وتحريك حربٍ صليبيَّةٍ كبرى لإخراجهم من البلقان[42]، وأكَّد لهم سيزاريني أنَّه يجوز الحنث باليمين إذا كان هذا اليمين مع الكفَّار «Infidel»، خاصَّةً إذا لم يكن هذا اليمين مؤكَّدًا من البابا[43]، وجاء التأكيد من البابا أوچين الرابع بأنَّه لم يكن موافقًا على السلام مع المسلمين[44]!
هكذا يفعلون بالوعود!
هكذا يفعلون بالمواثيق التي أقسموا عليها بالأيمان!
هكذا هي دبلوماسيَّتهم!
نذكر هذا الموقف للأوروبِّيِّين، وإلى جواره نذكر شهادة المؤرِّخ الأميركي ذي الأصول المجريَّة بيتر شوجر Peter Sugar وهو يقول في حقِّ العثمانيِّين: «ومن الملاحظ أنَّ العثمانيِّين تمسَّكوا بما عقدوا من مواثيق واتفاقيَّات طالما حَفِظَ الأمراء الأوروبِّيُّون تلك المواثيق»[45]!
وهذه شهادةٌ تأتي في موضعها التاريخي المهم؛ حيث إنَّها أتت من عالِمٍ ذي أصولٍ مجريَّة؛ أي ينتمي إلى تلك الدولة التي حاربت العثمانيِّين طويلًا، وغدرت بهم في هذه المعاهدة.
لم يأخذ الأوروبِّيُّون وقتًا كبيرًا في التفكير؛ فقد عبرت الجيوش الأوروبِّيَّة الدانوب بالقرب من بلجراد في الفترة ما بين 18 و22 سبتمبر 1444م[46] (انظر خريطة رقم 12)، فمعنى هذا أنَّ قرار نقض المعاهدة لم يأخذ إلَّا أيَّامًا قليلة بعد وصول خبر تنازل مراد الثاني عن العرش لابنه محمد الثاني.
اتَّحدت في هذه المعركة جيوش المجر وبولندا، مع فِرَقٍ عسكريَّةٍ من الإفلاق، وكذلك مع بعض المتمرِّدين من بلغاريا[47] مع العلم أنَّ الإفلاق وبلغاريا كانتا تابعتين للدولة العثمانيَّة، ممَّا يعني أنَّ هذا انشقاق داخلي في الدولة. انضمَّت إلى هذه القوَّات مجموعةٌ من السفن البحريَّة التابعة لغرب أوروبَّا على النحو التالي: ثمانية سفن باباوية، وثمانية أخرى من البندقية، مع أربع سفنٍ من بورجاندي Burgundy الفرنسيَّة، وكذلك سفينتان من جمهوريَّة راجوزا Ragusa الإيطاليَّة، وانضمَّت إلى هذه القوَّات البحريَّة سفن الدولة البيزنطيَّة، وكان غرض هذه القوَّة البحريَّة هو غلق مضيق الدردنيل لمنع قوَّات الدولة العثمانيَّة من العبور من الأناضول إلى البلقان؛ وذلك لإعطاء الجيوش الأوروبِّيَّة الفرصة للتقدُّم السريع نحو العاصمة العثمانيَّة إدرنة، بغية استئصال الوجود العثماني من أوروبا بالكلِّيَّة[48].
تتفاوت المصادر بشدَّة في تحديد عدد الجيوش الصليبيَّة؛ تذكر المصادر التركيَّة أنَّ الجيوش الصليبيَّة تجاوزت المائة ألف مقاتل[49]؛ بينما تُؤكِّد المصادر الأوروبِّيَّة أنَّ العدد كان عشرين ألف مقاتلٍ[50]، وعادةً ما يكون هناك مبالغاتٌ بالزيادة والنقصان من كلِّ طرف، وقد تكون حقيقة الأعداد بينهما!
اختارت الجيوش الأوروبِّيَّة أن تتَّجه مباشرةً إلى ساحل البحر الأسود الغربي لتتجاوز القلاع العثمانيَّة في بلغاريا، وبذلك ستسير جنوبًا حتى تصل إلى إدرنة العاصمة، وستكون المباغتة بذلك كبيرةً جدًّا للدولة العثمانيَّة؛ إذ سينتقل القتال إلى عقر دارها.
وصلت الأنباء المفزعة إلى السلطان الجديد محمد في إدرنة!
لم تكن الأمور أصلًا مستقرَّةً في قصر الحكم في إدرنة؛ فقد كانت هناك عداواتٌ بين رجال الدولة في القصر الحاكم. كان الصدر الأعظم خليل چاندرلي يُمثِّل حزبًا من كبار الشخصيَّات؛ بينما يُمثِّل زاجانوس باشا وشهاب الدين باشا -وهما من كبار رجال الجيش- حزبًا آخر، وهذان الأخيران كانا من المربِّين الشخصيِّين للأمير الصغير[51]. كان هذا الصراع الداخلي متوقَّعًا في ظلِّ غياب السلطان الكبير مراد الثاني، وإذا كان كلُّ حزبٍ من الحزبين يُريد فرض هيمنته فهذا هو الوقت المناسب!
في الحقيقة لم تكن الدولة العثمانيَّة بحاجةٍ لكلِّ هذه التداعيات في هذا التوقيت؛ ولكن هكذا سارت الأمور، نتيجة تنازل السلطان مراد الثاني لابنه الصغير محمد.
من ناحيةٍ عمليَّةٍ وَجَد السلطان الجديد نفسه أمام أزمةٍ قد تعصف بالدولة كلِّها.
لم يكن هناك بُدٌّ من الاستعانة بالسلطان المتقاعد مراد الثاني! رفض مراد الثاني القدوم أوَّل الأمر لكيلا يكسر ابنه، لكنَّ ابنه أرسل إليه رسالةً ذكيَّةً لم تجعل هناك خياراتٍ كثيرةً أمام السلطان صاحب الخبرة. قال محمد الثاني في أوَّل رسالةٍ يكتبها كسلطان: «إنْ كنَّا نحن البادشاه -أي السلطان بالتركيَّة- فإنَّنا نأمرك: تعالوا على رأس جيشكم، وإن كنتم أنتم فتعالوا دافعوا عن دولتكم»[52]!.
جاء السلطان مراد الثاني على رأس جيشٍ كبيرٍ من الأناضول، ولكنَّه فوجئ بالقوَّات البحريَّة الأوروبِّيَّة تقطع عليه طريق الدردنيل؛ ومع ذلك فقد وُفِّق لعبور المضايق عن طريق التعاون مع بعض سفن چنوة[53]، وچنوة كانت معادية دومًا للبندقيَّة، وحيث إنَّ البندقية كانت في الحلف الصليبي وقفت چنوة إلى جوار مراد الثاني مع كونه مسلمًا! وهذا من لطف الله بالدولة العثمانية والمسلمين.
كانت الجيوش الصليبيَّة قد اقتربت من مدينة ڤارنا Varna البلغاريَّة على ساحل البحر الأسود الغربي، فأسرع مراد الثاني بجيشه بعد عبوره المضايق، ومرَّ على إدرنة العاصمة، والتقى وولده في لقاءٍ سريع، ثم تركه في القصر الحاكم، وانطلق مسرعًا ليُقابل الجيوش الصليبيَّة قبل أن تتوغَّل أكثر في الأراضي العثمانية، ووصل بالفعل إلى جنوب ڤارنا في 7 نوفمبر 1444، وضرب معسكره هناك[54].
في يوم (10 نوفمبر 1444م الموافق 28 رجب 848هـ) دارت موقعة ڤارنا، وهي واحدةٌ من أهمِّ المعارك في التاريخ الأوروبي كلِّه[55][56][57][58].
مع أنَّها كانت معركة يومٍ واحدٍ إلَّا أنَّ نتائجها كانت حاسمةً للغاية؛ في هذه المعركة قُتِل ملكُ بولندا والمجر ڤلاديسلاڤ الثالث، وقُتِل كذلك الكاردينال چوليانو سيزاريني، ومُزِّق الجيش الصليبي، وصار بين قتيلٍ وأسير، وبصعوبةٍ هرب چون هونيادي القائد المجري الشهير[59].
هناك تفاصيلٌ كثيرةٌ ذُكِرت عن هذه الموقعة الكبيرة؛ كتب عنها المؤرِّخ الأميركي كينيث سيتون خمسًا وعشرين صفحةً في كتابه عن الباباوات وحروبهم في الشرق[60]، وكتب عنها المؤرِّخ البولندي چون چيفرسون John Jefferson أكثر من ثمانين صفحةً في كتابه عن الحروب المقدَّسة بين الملك ڤلاديسلاڤ والسلطان مراد الثاني[61]؛ بينما كتب المؤرِّخ الإنجليزي كولن إمبر Colin Imber كتابًا كاملًا عن هذه المعركة[62]!
أجمع المؤرِّخون على فداحة الخسارة الأوروبِّيَّة في هذه المعركة، والأجمل هو أنَّ الكثير منهم ربط هذه الخسارة بالغدر الذي ارتكبه القادة الصليبيُّون في عهدهم مع الدولة العثمانية!
يقول المؤرِّخ الألماني الشهير فرانز بابينجر Franz Babinger: «هكذا انتهت معركة ڤارنا، واحدةٌ من أكثر الأحداث حسمًا، ليس في التاريخ العثماني فقط؛ ولكن في التاريخ الغربي كلِّه. لقد وُجِّهت ضربةٌ شديدةٌ للآمال النصرانيَّة في طرد العثمانيِّين من أوروبا. لمدَّة سنواتٍ قادمةٍ سيطر الإحباط على أوروبَّا النصرانيَّة. كان يُنْظَر إلى هزيمة الجيش الصليبي على أنَّها عقابٌ ربَّانيٌّ (Divine punishment) نتيجة الانتهاك لليمين المقدَّس الذي أقسمه الملك على الإنجيل في معاهدة سسيچيد»[63]!
ويقول المؤرِّخ والقس التشيكي فرانسيس دڤورنيك Francis Dvornik: «عُوقِب الكاردينال سيزاريني على غدره بأنْ مُزِّق جيشه إلى قِطَع (Cut to pieces) في معركة ڤارنا عام 1444م، وفَقَدَ الملك ڤلاديسلاڤ، وممثِّل البابا (سيزاريني نفسه) حياتهما في ساحة القتال»[64]!
هكذا كان نصر ڤارنا العظيم!
إنَّه يومٌ من أيَّام الله حقًّا!
لقد أدَّت هذه الموقعة إلى آثارٍ مهمَّةٍ للغاية، يمكن رصد بعضها على النحو التالي:
الأثر الأوَّل: أحدثت المعركة دويًّا كبيرًا في أوروبَّا. يقول المؤرِّخ الألماني بابينجر: «أُصيبت الولايات الأوروبِّيَّة الملاصقة للدولة العثمانيَّة بالشلل من الخوف»[65]. ويتجاوز المؤرِّخ والقس الإنجليزي مانديل كريتون Mandell Creighton الولايات الأوروبِّيَّة المجاورة للدولة العثمانيَّة إلى أوروبَّا كلِّها فيقول: «ملأت أخبارُ هزيمة ڤارنا أوروبَّا بالذعر»[66]!
الأثر الثاني: كانت هذه المعركة هي التي حدَّدت مستقبل الدولة البيزنطيَّة؛ فقد ظهر من خلال الأحداث أنَّ الدولة العريقة صارت غير قادرةٍ بالمرَّة على الدفاع عن نفسها، حتى صارت تستجدي العون من أعدائها الكاثوليك، فلمَّا هُزِم الكاثوليك في ڤارنا أدركت الدولة البيزنطيَّة أنَّ مصيرها صار محتومًا، وأنَّ سقوطها في يد العثمانيِّين صار مسألة وقت؛ ومع أنَّ الدولة البيزنطيَّة كانت متعاونةً مع الكاثوليك في معركة ڤارنا إلَّا أنَّ ردَّ فعل إمبراطورهم چون الثامن كان عجيبًا بعد المعركة! يقول المؤرِّخ الأسكتلندي چورچ فينلاي George Finlay، وهو يسخر من الإمبراطور البيزنطي: «لقد تأكَّد الإمبراطور البيزنطي چون الثامن من تهوُّر وعدم اتِّزان القوى الأوروبِّيَّة؛ لذلك ففي اللحظة التي سمع فيها بالنصر العظيم للسلطان مراد الثاني في ڤارنا أرسل له سفارةً لتهنئته، ولتأكيد سيادته عليه، كما (استجداه) في طلب إعادة التحالف معه»[67]! ويقول المؤرِّخ الروسي ألكسندر ڤاسيليڤ Alexander Vasiliev، وهو يُعتبر أحد أهمِّ من كتب عن الدولة البيزنطية: «كانت معركة ڤارنا هي المحاولة الأخيرة لأوروبَّا الغربيَّة لمساعدة الدولة البيزنطيَّة؛ بعد هذه المعركة تُرِكَت القسطنطينيَّة لمصيرها»[68]!
الأثر الثالث: على العكس من الوضع المزري للدولة البيزنطيَّة في القسطنطينيَّة، كان الحال في الجزء اليوناني التابع للدولة البيزنطيَّة، وهو مقاطعة المورة Despot of the Morea، وكان هذا الجزء تحت قيادة أخي چون الثامن، وهو الأمير قُسطنطين Constantine، الذي سيُصبح مستقبلًا إمبراطورًا للدولة البيزنطيَّة[69]. لقد كان لهذا الأمير طموحاتٌ كبيرة؛ بل إنَّه استغلَّ فترة تنازل مراد الثاني عن الحكم لابنه محمد في صيف 1444م -أي قبل معركة ڤارنا- وضمَّ بعض المدن اليونانيَّة مثل مدينتي ثيفا Thebes، وأثينا Athens، وكانت الأخيرة تحت حكم أمير فلورنسي تابعٍ للدولة العثمانيَّة هو نيرو الثاني Neiro II، وقد أجبره قُسطنطين على دفع الجزية إليه[70]، وكان هذا تعدِّيًا صارخًا على الدولة العثمانيَّة. بعد موقعة ڤارنا ازداد قُسطنطين عنادًا، وظلَّ محتفظًا بما حصل عليه من أملاك. أدرك مراد الثاني أنَّ هذا الرجل سيكون معاديًا للدولة العثمانيَّة بدرجةٍ كبيرةٍ في الفترة القادمة؛ ولكن لم يأخذ تجاهه موقفًا لانشغال الدولة العثمانيَّة بالقوى الأوروبِّيَّة الغربيَّة في هذه الفترة.
الأثر الرابع: أنهت معركة ڤارنا وموت الملك البولندي ڤلاديسلاڤ الثالث فكرةَ الاتِّحاد بين المجر وبولندا تمامًا[71]، وهذا بلا شَكٍّ كان في مصلحة الدولة العثمانيَّة؛ إذ إنَّ الاتِّحاد بين هاتين القوَّتين الكبريين كان يُمثِّل خطرًا داهمًا على الدولة، ولقد صار توجُّه المجر بعد هذه المعركة إلى الإمبراطوريَّة النمساويَّة بدلًا من بولندا، وهذا كان أهون في المرحلة التاريخيَّة المقبلة؛ لأنَّ النمسا لم يكن لها حدودٌ مع الدولة العثمانيَّة؛ بينما كانت بولندا تُمثِّل الحدود الشماليَّة لها، ومن هنا صار الانقسام بين بولندا والمجر مفيدًا من الناحية العسكريَّة للعثمانيِّين.
الأثر الخامس: كان الأثر على بولندا كبيرًا جدًّا! لقد كان هناك حزبان متعارضان في بولندا بخصوص مسألة الصدام مع الدولة العثمانيَّة. كان أحدهما يُشجِّع بقوَّة الدخول في حربٍ صليبيَّة؛ بينما كان الآخر يتحفَّظ بشدَّة. يقول المؤرِّخ البولندي أوسكار هاليكي Oscar Halecki: «بعد موقعة ڤارنا صارت اليد العليا في بولندا لأولئك الذين يُعارضون حربًا صليبيَّةً ضدَّ الدولة العثمانيَّة»[72]. وقد قال المؤرِّخ البولندي هذا الكلام مع أنَّ الذي حكم بولندا بعد قتل ڤلاديسلاڤ الثالث هو أخوه كازيمير الرابع Casimir IV، وهو؛ كما يقول عنه المؤرِّخ السويسري الشهير چوهانس ڤون مولر Johannes von Müller: «هو واحدٌ من أعظم ملوك أوروبَّا في زمانه»[73]. ومع ذلك فصدمة ڤارنا جعلت هذا الملك العظيم يُقرِّر عدم الدخول مع الدولة العثمانيَّة في صدام، وهذا بلا شَكٍّ كان له مردوده الإيجابي على ما تبقَّى من فترة حكم مراد الثاني؛ بل على فترة حكم السلطان القادم محمد الثاني.
الأثر السادس: دخلت المجر في حربٍ أهليَّةٍ بعد هذه المعركة نتيجة غياب الحُكم البولندي، وعودة الصراع على كرسي الحكم بعد مقتل ڤلاديسلاڤ الثالث، وزهد أخيه كازيمير الرابع في عودة الاتِّحاد مع المجر، وتفاصيل هذه الحرب الأهليَّة كثيرة، ويُمكن الرجوع إليها في مصادر تاريخ المجر[74]؛ لكن الشاهد أنَّ هذه الحرب الأهليَّة الداخليَّة أمَّنت الحدود العثمانيَّة إلى حدٍّ ما فترةً من الزمان، على الرغم من وجود القائد العسكري الفذ چون هونيادي.
الأثر السابع: أدرك الأوروبِّيُّون مع موقعة ڤارنا أنَّ اقتلاع العثمانيِّين من البلقان صار أمرًا مستحيلًا، وهذا له أثره النفسي الكبير على كلِّ الأوروبِّيِّين؛ سواء الحكَّام منهم أم المحكومون. يقول المؤرِّخ السياسي الأميركي چاكوب جريچيل Jakub Grygiel: «كانت معركة ڤارنا من أشدِّ الهزائم الأوروبِّيَّة في كلِّ تاريخ العلاقات الأوروبِّيَّة العثمانيَّة. لقد أنهت هذه المعركة كلَّ المحاولات لطرد العثمانيِّين من أوروبَّا»[75]. ويُؤكِّد المؤرِّخ البولندي إدوارد بوتكوڤسكي Edward Potkowski على هذه الحقيقة فيقول: «أدَّى الذعر الناتج عن مذبحة ڤارنا إلى عدم رغبة ملوك المجر وألمانيا وبولندا في حرب الأتراك، ولمدَّة قرونٍ بعد المعركة»[76]! وقد انتقلت هذه الروح السلبيَّة بشكلٍ تلقائيٍّ إلى شعوب البلقان؛ بل كان المؤرِّخ والسياسي الإنجليزي بيري أندرسون Perry Anderson صريحًا للغاية عندما فسَّر عدم رغبة الشعوب البلقانيَّة في مقاومة العثمانيِّين، خاصَّةً بعد موقعتي نيكوبوليس عام 1396م، وڤارنا 1444م، بأنَّ ذلك نتيجة الظلم الشديد الذي أوقعه نبلاء أوروبَّا النصارى على شعوبهم قبل الفتح العثماني، ممَّا أدَّى إلى هشاشة البنيان الاجتماعي في هذه المنطقة، ومِنْ ثَمَّ قَبِلَت هذه الشعوب قَدَرَها الجديد؛ بل ذكر المؤرِّخ الإنجليزي أنَّ الحكم العثماني لهم كان بمثابة تحرير الفقراء «Liberation of the poor»[77].
من المؤكَّد أنَّ هذه النفسيَّة المتقبِّلة للوجود العثماني؛ سواءٌ عن اضطرارٍ عند الأمراء والملوك لذعرهم، أم عن رضا وسكون من الشعوب لراحتهم، قد ساعدت الدولة العثمانيَّة على الاستقرار؛ سواء في الفترة المتبقية في عهد مراد الثاني، أم في فترة محمد الثاني بعد ذلك.
الأثر الثامن: استغلَّ مراد الثاني الانتصار في ڤارنا لتدعيم العلاقات مع العالم الإسلامي؛ فأرسل رسائل ببشريات النصر إلى القاهرة عاصمة دولة المماليك، وقد أحسن السلطان چقمق سلطان المماليك استقبال السفارة، وأقام الاحتفالات بالقاهرة[78]، وكانت هذه بادرةً طيِّبةً ساعدت في تدعيم العلاقات بين الدولتين الإسلاميَّتين الكبريين.
هذه بعض الآثار التي رأيناها لهذه الموقعة الكبيرة في هذا التحليل السريع، وبعد قراءة هذه الآثار يُمكن أن نفهم كلمة المؤرِّخ التركي خليل إينالچيك حين قال: «ڤارنا نقطة تحوُّلٍ Turning point في تاريخ شرق أوروبَّا»[79].[80].
[1] Fine, John Van Antwerp: The Late Medieval Balkans: A Critical Survey from the Late Twelfth Century to the Ottoman
Conquest, University of Michigan Press, Ann Arbor, Michigan, USA, 1994., p. 535.
[2] Engel, Pál: The Realm of St Stephen: A History of Medieval Hungary, 895–1526, I.B. Tauris Publishers, London, UK, 2001, p. 281.
[3] Jefferson, John: The Holy Wars of King Wladislas and Sultan Murad: The Ottoman-Christian Conflict from 1438-1444, Brill, Leiden, The Netherlands, 2012., p. 236.
[4] Engel, 2001, p. 281.
[5] Bartl, Július & Skvarna, Dusan: Slovak History: Chronology & Lexicon, Bolchazy-Carducci Publishers, USA, 2002., p. 48.
[6] Jefferson, 2012, p. 242.
[7] Jaques, Tony: Dictionary of Battles and Sieges, Greenwood Press, Westport, CT, USA, 2007., vol. 1, p. 126.
[8] Boia, Lucian: History and Myth in Romanian Consciousness, Central European University (CEU) Press, Budapest, Hungary, 2001., pp. 135-136.
[9] Engel, 2001, p. 281.
[10] Engel, 2001, p. 285.
[11] Babinger, Franz: Mehmed the Conqueror and His Time, Princeton University Press, 1978., pp. 21- 22.
[12] Engel, 2001, p. 285.
[13] Imber, Colin: The Crusade of Varna, 1443-45, Ashgate, Hampshire, UK, 2006., pp. 9-31.
[14] Najemy, John M.: A History of Florence, 1200 – 1575, John Wiley & Sons, Hoboken, New Jersey, 2008, p. 287.
[15] Housley, Norman: The Crusade in the Fifteenth Century: Converging and competing cultures, Routledge, London, UK, 2016., p. 21.
[16] أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري، مؤسسة فيصل للتمويل، إستانبول،، 1988 صفحة 1/124.
[17] Imber, 2006, pp. 9-31.
[18] İnalcık, Halil: The Ottoman Turks and the Crusades, 1329-1451, In: Setton, Kenneth Meyer; Hazard, Harry W. & Zacour, Norman P.: A History of the Crusades, The University of Wisconsin Press, Madison, Wisconsin, USA, (vol. 6, The Impact of the Crusades on Europe, 1989) (A).vol. 6, p. 270.
[19] Fine, 1994, p. 548.
[20] Boyar, Ebru & Fleet, Kate: A Social History of Ottoman Istanbul, Cambridge University Press, NewYork, USA, 2010., p. 25.
[21] Kafadar, Cemal: Between Two Worlds: The Construction of the Ottoman State, University of California Press, Los Angeles, USA, 1996.p. xix.
[22] Imber, 2006, p. 51.
[23] Necipoğlu, Nevra: Byzantium Between the Ottomans and the Latins: Politics and Society in the Late Empire, Cambridge University Press, New York, USA, 2009., p. 278.
[24] Imber, 2006, p. 16.
[25] Koller, Markus: Albania, In: Ágoston, Gábor & Masters, Bruce Alan: Encyclopedia of the Ottoman Empire, Infobase Publishing, New York, USA, 2009, p. 28.
[26] Noli, Fan Stilian: George Castrioti Scanderbeg (1405–1468), International Universities Press, New York, USA, 1947., p. 36.
[27] Elsie, Robert: A Biographical Dictionary of Albanian History, I. B. Tauris, London, UK, 2012., p. 127.
[28] Imber, 2006, pp. 9-31.
[29] Hodgkinson, Harry: Scanderbeg.. From Ottoman Captive to Albanian Hero, Centre for Albanian Studies, London, UK, 1999., p. 75.
[30] Király, Béla Kalman & Rothenberg, Gunther Erich: War and Society in East Central Europe: The fall of medieval kingdom of Hungary: Mohacs 1526 - Buda 1541, Brooklyn College Press, New York, USA, 1989., pp. 17-18.
[31] Imber, 2006, pp. 9-31.
[32] Dvornik, Francis: The Slavs in European History and Civilization, New Brunswick, NJ, USA, Rutgers University Press, 1962., p. 234.
[33] Papp, Sándor: The System of Autonomous Muslim and Christian Communities, Churches, and States in the Ottoman Empire, In: Kármán, Gábor & Kunčević, Lovro: The European Tributary States of the Ottoman Empire in the Sixteenth and Seventeenth Centuries (The Ottoman Empire and its Heritage), Brill, Boston, USA, 2013., p. 381.
[34] أوزتونا، 1988 صفحة 1/125.
[35] 1031. Somel, Selçuk Akşin: Historical Dictionary of the Ottoman Empire, Lanham, Maryland, USA, Scarecrow Press,. 2003, p. 199.
[36] Emiralioğlu, Pınar: Geographical Knowledge and Imperial Culture in the Early Modern Ottoman Empire, Ashgate publishing, Limited, Surrey, UK, 2014., p. 57.
[37] أوزتونا، 1988 صفحة 1/125.
[38] Dânişmend, İsmail Hâmi: Osmanlı devlet erkânı: Sadr-ı-a'zamlar (vezir-i-a'zamlar), şeyh-ül-islâmlar, kapdan-ı-deryalar, baş-defterdarlar, reı̂s-ül-küttablar, İstanbul, Türkiye Yayınevi, 1971., p. 10.
[39] Ágoston, Gábor: Grand Vizier, In: Ágoston, Gábor & Masters, Bruce Alan: Encyclopedia of the Ottoman Empire, Infobase Publishing, New York, USA, 2009 (E).p. 236.
[40] أوزتونا، 1988 صفحة 1/125.
[41] Somel, 2003, p. 39.
[42] Bisaha, Nancy: Creating East and West: Renaissance Humanists and the Ottoman Turks, University of Pennsylvania Press, philadelaphia, Pennsylvania, USA, 2004., p. 24.
[43] İnalcık, 1989 (A), vol. 6, p. 273.
[44] Creighton, Mandell: A History of the Papacy During the Period of the Reformation, Longmans, Green and Co, London, UK, 1882., vol. 2, p. 249.
[45] شوجر، بيتر: أوروبا العثمانية 1354 – 1804، ترجمة: عاصم الدسوقي، دار الثقافة الجديدة، القاهرة، الطبعة الأولى، 1998م.صفحة 31.
[46] İnalcık, 1989 (A), vol. 6, p. 273.
[47] Detrez, Raymond: Historical Dictionary of Bulgaria, Rowman & Littlefield Publishing Group, Lanham, Maryland, USA, Third Edition, 2015., pp. 513-514.
[48] İnalcık, 1989 (A), vol. 6, p. 274.
[49] أوزتونا، 1988 صفحة 1/127.
[50] Creighton, 1882, vol. 2, p. 249.
[51] Kia, Mehrdad: The Ottoman Empire: A Historical Encyclopedia, ABC-CLIO, Santa Barbara, California, USA, 2017., vol. 1, p. 124.
[52] أوزتونا، 1988 صفحة 1/126.
[53] Bisaha, 2004, p. 24.
[54] Babinger, 1978, pp. 37-38.
[55] Dvornik, 1962, p. 234.
[56] Detrez, 2015, pp. 513-514.
[57] أوزتونا، 1988 الصفحات 126، 127.
[58] فريد، محمد: تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق: إحسان حقي، دار النفائس، بيروت، الطبعة الأولى، 1401هـ=1981م.صفحة 158.
[59] Mikaberidze, 2011 (A), vol. 2, p. 620.
[60] Setton, 1978, vol. 2, pp. 82-107.
[61] Jefferson, 2012, pp. 400-487.
[62] Imber, 2006.
[63] Babinger, 1978, p. 40.
[64] Dvornik, 1962, p. 254.
[65] Babinger, 1978, p. 40.
[66] Creighton, 1882, vol. 2, p. 249.
[67] Finlay, George: A History of Greece from its Conquest by the Romans to the Present Time, B. C. 146 to A. D. 1864, The Clarendon Press, Oxford, UK, 1877., vol. 3, pp. 495-496.
[68] Vasiliev, Alexander A.: History of the Byzantine Empire, 324–1453, Madison, 1952., vol. 2, p. 643.
[69] Nicol, Donald MacGillivray: The Last Centuries of Byzantium, 1261-1453, Cambridge University Press, UK, 1993., p. 346.
[70] Babinger, 1978, p. 48.
[71] أوزتونا، 1988 صفحة 1/127.
[72] Halecki, Oskar: From Florence to Brest 1439-1596, Sacrum Poloniae Millenium, Rom, Italy, 1958., pp. 75-76.
[73] Müller, Johannes von: The History of the World: from the Earliest Period to the Year of Our Lord 1783, Thomas H. Webb and CO, Boston, USA, 1842, vol. 3, p. 136.
[74] Engel, 2001, p. 288.
[75] Grygiel, Jakub J.: Great Powers and Geopolitical Change, The John Hopkins university press, Baltimore, USA, 2006, p. 106.
[76] Potkowski, Edward: Warna 1444 (in Polish), Bellona, Warsaw, Poland, 2004., pp. 210-211.
[77] Anderson, Perry: Passages from Antiquity to Feudalism, Verso, London, UK, 1974., pp. 292-293.
[78] أوزتونا، 1988 صفحة 1/127.
[79] İnalcık, 1989 (A), vol. 6, p. 274.
[80] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442ه= 2021م، 1/ 187- 207، لشراء كتاب قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط يرجى الاتصال على الرقم التالي: 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك