التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
قرن الثبات النسبي هو مرحلة في تاريخ الدولة العثمانية، وهذه المرحلة تمتد قرابة قرن من الزمان؛ من عام 1683 إلى عام 1768م.
قرن الثبات النسبي (1683-1768م)
كانت الحرب العثمانية النمساوية التي نشبت بين الفريقين عام 1683 نتيجة نقض النمساويين لمعاهدة ڤاسڤار، هي بداية مرحلة جديدة في تاريخ الدولة العثمانية، أسميها «عهد الثبات النسبي»، وكما هو واضح من اسمها فإنها تحمل كثيرًا من سمات القرن الذي سبقها؛ أي قرن الثبات، وهذه المرحلة تمتد قرابة قرنٍ من الزمان؛ من عام 1683 إلى عام 1768م.
البعض يجعل هذه الفترة داخلة فيما يسمونه «عهد الانحطاط» للدولة العثمانية، ولكنني أرى أن هذه التسمية تعطي انطباعًا غير صحيح عن وضع الدولة في هذه المرحلة التاريخية. نعم كانت الدولة تتعرض لهزائم كبيرة؛ ولكنها كانت في الوقت نفسه تنتصر. -أيضًا- كانت تعقد معاهدات تتنازل فيها عن أراضٍ كثيرة؛ ولكنها تعود وتعقد معاهدات أخرى تسترد فيها هذه الأراضي، أو قريبًا منها.
الأهم من ذلك أن المعاصرين من أهل السياسة والحرب كانوا يرون الدولة العثمانية دولة عملاقة مؤثرة يُحْسَب لها ألف حساب؛ بل إن أهل الثقافة والاجتماع كانوا يرون الدولة العثمانية مثالًا يُحتَذى في أمور كثيرة. لم يكن عجيبًا في القرن الثامن عشر أن ترى الملابس، والأطعمة، والمشغولات، والموسيقى، العثمانية تُقَلَّد في كافة الأقطار الأوروبية، حتى في تلك الأقطار التي تحارب العثمانيين! لقد كانت حركة تقليد شاملة عُرِفَت في التاريخ الأوروبي -خاصة في فرنسا- بحركة «محاكاة الأتراك» Turquerie[1]! هذا كله يجعلني أعتبر أنه من التجني على التاريخ العثماني أن نضم هذه الفترة التاريخية إلى عصور «الانحطاط»؛ بل كان مستوى الدولة ثابتًا إلى حدٍّ ما، بمعنى أنها فقدت من أراضيها، وسلاحها، وهيبتها، شيئًا؛ ولكنه لم يكن بذلك الشيء الذي يقصيها عن التأثير في الساحة العالمية.
من هذا الطرح نتوقع أن نرى عوامل ضعف وقوة في الدولة العثمانية تشبه تلك التي أشرنا إليها في سمات القرن الماضي، وهذا في الواقع صحيح على المستوى الداخلي؛ وسنأتي لتفصيله بعد قليل، أما على المستوى الخارجي فالوضع مختلف؛ لأن موازين القوى العالمية كانت تتغير بمعدلات سريعة، وهذه هي طبيعة الأمور في العالم في القرون الأخيرة من عمره؛ حيث يشهد كل قرن، وأحيانًا كل عقد، ظهور قوة مؤثرة، واضمحلال قوة أخرى، وهذا ما جعل السياسة عِلْمًا شديد التعقيد في الفترة الأخيرة من عمر الدنيا! هذا سيجعلنا نحتاج -بعد أخذ فكرة سريعة عن الشأن العثماني الداخلي في القرن الثامن عشر- أن ندرس بتفصيل ميسر وضع موازين القوى العالمية في هذه المرحلة، والتطورات التي حدثت فيها، مع ذكر بعض الأحداث المهمة في هذا القرن، والتي كان لها أثر مباشر على تغيير الأوضاع لصالح بعض القوى.
وعليه فإننا يمكن أن نناقش أحوال هذا القرن من خلال ثلاثة عناصر؛ الأوضاع الداخلية في الدولة العثمانية، ووضع أوروبا والعالم في هذا القرن، ثم نظرة إجمالية للدولة العثمانية في قرن الثبات النسبي، لنرى تفاعل العوامل الداخلية في الدولة مع الأحداث الخارجية في العالم.
الأوضاع الداخلية في الدولة العثمانية
كانت الأحوال الداخلية للدولة العثمانية في قرن الثبات النسبي، والذي يشمل السنوات القليلة التي تبقت من القرن السابع عشر بالإضافة إلى ثلاثة أرباع القرن الثامن عشر، شبيهةً إلى حدٍّ كبير بتلك التي ميَّزت القرن السابع عشر كله؛ أي قرن الثبات. هناك تغييرات طفيفة في عوامل الضعف والقوة؛ مما يجعل التشابه بينهما كبير، ولولا السقوط المفاجئ الذي حدث للدولة بعد كارثة ڤيينا عام 1683م لما فَصَلْنا العهدين عن بعضهما البعض. إننا يمكن أن نناقش أحوال هذا القرن عبر العناوين التالية:
أولًا: ضعف السلاطين:
لم تشهد هذه المرحلة التاريخية كلها (85 سنة) شخصية سلطانية لامعة! نعم كان بعضهم أفضل من الآخر؛ لكنهم بشكل عام لا يرتقون إلى درجة السلاطين التي ينبغي أن تُتَذكَّر. بدأت هذه المرحلة بما تبقى من فترة ولاية السلطان الضعيف محمد الرابع، الذي أكمل أربع سنوات أخرى بعد هزيمة ڤيينا التي ستحدث عام 1683م، واعتبرناها بداية المرحلة، لتنتهي فترة حكمه بخلعه عام 1687م، ليتولى من بعده اثنان من إخوته، وهما يُشبهانه في ضعفه، وهما سليمان الثاني (1687-1691م)، وأحمد الثاني (1691-1695).
كانت هذه الولاية لهؤلاء الضعفاء أحد أسباب التدهور المفاجئ الذي عانت منه الدولة في هذه المرحلة الخطرة من عمر الدولة العثمانية، والتي كانت تتطلب رجالًا أكفاء يستطيعون أخذ قرارات مصيرية حاسمة. تحسَّن الوضع نسبيًّا بولاية اثنين من أبناء السلطان الراحل محمد الرابع؛ وهما مصطفى الثاني (1695-1703م)، وأحمد الثالث (1703-1730م)، وخاصة في عهد الأخير الذي شهد النصف الثاني من حكمه فترة هدوء واستقرار مميَّزة. ساءت الأوضاع نسبيًّا مرة أخرى بولاية سلطانين من أبناء السلطان مصطفى الثاني، وهما محمود الأول (1730-1754م)، وعثمان الثالث (1754-1757م). أخيرًا جاء واحد من أفضل سلاطين هذه الفترة، وهو مصطفى الثالث، الذي حكم من 1757 إلى 1774م، وقد انتهى قرن الثبات النسبي -في رؤيتي- قبيل نهاية فترة حكمه بست سنوات؛ أي في عام 1768م.
في رأيي أن المشكلة الأكبر التي كان يعاني منها سلاطين الدولة العثمانية في هذه المرحلة تتمثل في أمرين مهمين؛ الأول هو غياب الكاريزما القيادية، والثاني هو غياب الرؤية الاستراتيجية الحكيمة.
كان غياب الكاريزما القيادية، أو الشخصية المؤثرة التي يمكن أن تجمع الناس حولها، داعيًا إلى تشتت الجهود وضياعها، على الرغم من وجود إمكانات كبيرة في الدولة. كانت الدولة تحتوي على طاقات متميزة في مجالات السياسة، والجيش، والاقتصاد، والعلوم؛ ولكنهم كانوا جُزُرًا منفصلة في بحر هائج الأمواج. كان التواصل بينها صعبًا للغاية.
من أعظم مهام القائد الحكيم هو تنسيق العمل بين الطاقات المختلفة في دولته، وإقامة جسور التفاهم والتعاون بين هذه الجزر المنفصلة. غياب الشخصية التي يتجمع حولها الأقوياء كان داعيًا لكل واحد منهم أن يعمل لحساب نفسه مُضَيِّعًا على الدولة فرصًا كثيرة. هذا سيجعل مراكز القوى في الدولة في القرن الثامن عشر كثيرة، وسنتعرض لذكر بعضها في نقطة قادمة.
كان سلاطين هذه الفترة يعانون -أيضًا- من غياب الرؤية الاستراتيجية المستقبلية، وهذا كان يُوقِع الدولة في مشكلات كبرى. يمكننا تعريف الاستراتيجية بأنها الخطط المحددة مُسبقًا لتحقيق هدف معين على المدى البعيد؛ وذلك في ضوء الإمكانات المتاحة، أو التي يمكن الحصول عليها. يؤخذ في الاعتبار هنا تحقيق هذه الأهداف في أقل وقت ممكن، وبأقل جهد مبذول. افتقر السلاطين العثمانيون في هذه الفترة، وكذلك في عهد «الثبات» الذي سبق عهد «الثبات النسبي»، إلى هذه الموهبة. لم يكن هناك هدف واضح للدولة يمكن أن تُجْمَع الجهود لتحقيقه، ولم يكن هناك طموح بارز يحافظ على ديناميكية الدولة وحركتها المستمرة نحو الأفضل، فدخلت الدولة في مرض خطر أسميه: «ركود الطموح»! لا تبغي الدولة في ظل هذا المرضِ المنافسةَ على الصدارة العالمية، ولا التفوقَ الذي يبهر الناظرين، إنما يكفيها أن «تعيش» دون خسارة، أو على الأقل دون خسارة كبيرة! الشعب يأكل، ويشرب، ويعيش حياة آمنة نسبيًّا، ويحقق بعض الطموحات الفردية، أما المكانة العالمية فخارج الحسابات أصلًا. من الممكن أن تعيش دولٌ بهذه الطاقة السلبية أجيالًا طويلة؛ ولكن المشكلة في هذه الفترة التاريخية التي نحن بصدد تحليلها، أن القوى العظمى في العالم لا تترك دولة غابت عنها الرؤية الاستراتيجية المستقبلية دون أن تتدخل في شئونها تدخلًا سافرًا، يصل إلى التغيير الجيوسياسي لحالتها، بمعنى تقليص حدودها، ونهب أرضها، وتغيير حكومتها.
هذه طبيعة المرحلة التاريخية في القرن الثامن عشر، وكذلك في القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، ولقد استمرت هذه الظاهرة؛ ظاهرة التغيير الجيوسياسي نتيجة غياب الرؤية الاستراتيجية، إلى زماننا الآن؛ ولكن بصورة أقل. السِّرُّ وراء خطورة هذا الأمر في القرن الثامن عشر وحوله يرجع إلى أمرين؛ الأول هو سرعة تغير موازين القوى، وظهور قوى جديدة، واضمحلال أخرى، وبالتالي يحتاج قائد الدولة إلى سرعةِ بديهةٍ، وعمقِ رؤيةٍ، تسمح له بقيادة دولته في ظل هذه المتغيرات الكبرى، والثاني هو غياب الحدود الجغرافية التي نتعارف عليها الآن في توصيف الدول المختلفة، فلم يكن في هذا الزمن حدودٌ محترمة يمكن الالتزام بها في المحافل الدولية، إنما يمكن للقَوي أن يقتطع ما يشاء من أرض الضعيف، ويضمها إلى بلاده؛ بل يمكن أن «تُمْسَح» دولةٌ من على الخارطة العالمية بسهولة، كما حدث في هذا القرن الثامن عشر، على سبيل المثال، مع بولندا عندما قامت دولٌ ثلاث، هي النمسا، وروسيا، وبروسيا الألمانية، بتقسيمها بينهم، لتُمْحَا من على الخارطة العالمية لمدة 123 سنة كاملة[2]! كان غياب الرؤية الاستراتيجية عند قادة الدولة العثمانية سببًا في تضييع فرص كبيرة على الدولة، والوقوع في أزمات كبرى، وحروب لا معنى لها. لقد كان هذا العيب هو السبب في عدم سعي الدولة العثمانية إلى التحالف مع بولندا في القرن السابق ضد روسيا، وهو الذي سيمنعها كذلك من التحالف مع السويد في هذا القرن ضد روسيا كذلك، وهذه مجرد أمثلة، والواقع يحمل أمورًا كثيرة مشابهة.
ومع ذلك فضعف السلاطين هو أمر نسبي، لأننا نقارنهم بالسلاطين العظماء الأوائل، أو نقارنهم بالقادة المتميزين الذين حكموا الإمبراطوريات المعاصرة لهم، فيظهر لنا ضعفهم، أما الحقيقة المجردة فتشهد لهم، أو على الأقل لبعضهم، كأحمد الثالث، ومصطفى الثالث، بشيء من الفضل، والجهد، والسعي لتحسين وضع الدولة بشكل عام، ولقد شهدت الدولة العثمانية في هذا القرن فترات من الاستقرار اللافت للنظر، ولعل من أبرز سماته طول فترة حكم السلاطين باستثناء الربع الأول من هذا العهد.
ثانيًا: تعدد موازين القوى داخل الدولة:
كما ذكرنا في النقطة السابقة كان غياب الشخصية القوية للسلطان سببًا في عدم توحيد مراكز القوى في الدولة، وبالتالي عملوا كجزر منفصلة؛ مما أثر سلبًا على وضع الدولة. يمكن أن نرصد بعض هذه القوى على النحو التالي:
1. الإنكشارية: منذ فسدت الإنكشارية في النصف الثاني من القرن السادس عشر لم ينصلح حالها أبدًا! هذا هو العيب المزمن للقوة التي لا يحكمها دينٌ، ولا خُلُقٌ، ولا قانون. إن السُّنَّة المطردة لمثل هذه القوة هو الانفلات، ومحاولة السيطرة على الأمور لصالحها؛ مفتونين بالسلاح الذي يحملونه! لم يهتم السلاطين العثمانيون في هذه المرحلة بالبناء الديني والأخلاقي للإنكشارية، فصاروا كالمرتزقة الذين يعملون من أجل المال والسلطة فقط، وحتى في الفترات التي يحققون فيها إنجازًا ونصرًا للدولة فإنهم لا يفعلون ذلك إلا من أجل الحصول على غنيمة، أو السعي وراء إمارةِ ولايةٍ، أو حيازةِ ملكيةِ أرض.
الجيش الذي بهذه الصورة يُصْبح وبالًا على دولته إذا لم يُشْغَل بالحروب الصحيحة، ولعلنا نتذكر النصيحة التي أوصى بها الصدر الأعظم محمد كوبرولو باشا سلطانه محمد الرابع قبل موته حين أمره أن يجعل الجيش في حركة مستمرة. هذه في الواقع ليست الصورة المثلى للجيش، إنما الصورة المثلى تكون في الجاهزية الدائمة؛ بحيث إذا كان هناك جهاد حقٌّ تحرك الجيش، وإن لم يكن هناك داعٍ للحرب ظلَّ الجيش جاهزًا للدفاع الصلب عن البلد، أما أن يسعى الجيش دائمًا «للاكتساب الشخصي» فهذه صورة سلبية سيكون لها آثار ضخمة، خاصة في الدولة المسلمة التي ينبغي أن يكون الجهاد فيها في سبيل «الله»، وليس في سبيل «الدنيا». ستظل مشكلة الإنكشارية قائمة حتى الربع الأول من القرن التاسع عشر!
2. الصدور العظام: لم يشهد القرن الثامن عشر صدورًا عظامًا على مستوى آل كوبرولو؛ ومع ذلك ظهر بعض المتميزين مثل إبراهيم باشا (1718-1730م) الذين حاولوا تقديم رؤية إصلاحية متوازنة. عمومًا كانت إدارة الأمور في هذا العهد مقسَّمة بين السلطان والصدر الأعظم، وكان لاختفاء سلطنة النساء التي رأيناها في العهد السابق الأثر في مشاركة السلطان بشكل أكبر في أمور الدولة؛ مما جعل ضَعْفَ الصدر الأعظم غير مؤثر بالدرجة التي يمكن أن تُعطِّل مسيرة الدولة.
3. طبقة الأعيان: نتيجة ضعف قبضة الحكومة نسبيًّا، ظهرت في القرن الثامن عشر، وبعده، طبقة الأعيان الأثرياء الذين يسيطرون على مناطق تواجدهم سيطرة تشبه حالة «الدولة داخل الدولة»! بمعنى أنهم لا يرتبطون بالدولة الأم بشيء، ويديرون مناطقهم بكامل الحرية، وتكتفي الدولة منهم بعدم إعلان الاستقلال الرسمي، أو ببعض الأمور الشكلية التي لا وزن لها، وأحيانًا بدفع ضريبة معينة.
هؤلاء الأعيان تكون لهم قوات أمنية خاصة بهم، ورجال يجمعون الضريبة، ويتمتعون بنفوذ واسع لمدة طويلة. قد يصل بعض هؤلاء الأعيان إلى الانفراد بحكم مناطقهم، وقد يحاربون الدولة إذا منعتهم من ممارسة انفرادهم المطلق. يمكن تمييز عدة أنواع من هؤلاء الأعيان. كان منهم مثلًا الموظفون الكبار في الدولة، الذين، نتيجة غياب دور الدولة الرقابي، يتوسعون في أماكن نفوذهم، حتى يصيرون كحكام إمارة مستقلة؛ وذلك كظاهر العمر الذي انفرد بحكم شمال فلسطين، وامتدت مناطق سيطرته إلى جنوب لبنان[3]، ومنهم الأسر الإقطاعية التي نشأت في بعض المناطق كالبوسنة والقرم[4]، ومنهم المماليك الذين كانوا تابعين في البداية للحكم العثماني ثم انفردوا بالسيطرة عندما اطمئنوا إلى ضعف الحكومة، كعلي بك الكبير في مصر، الذي انفرد بحكمها في الفترة بين عامي 1767 و1773م[5].
ثالثًا: النظام الإداري والمالي في الدولة (بين القوة والضعف):
كان من المعروف في هذه الحقبة التاريخية تميُّز الدولة العثمانية بنظامٍ إداريٍّ صارم ودقيق، ويُعتبر هذا النظام أحد أهم الأسباب التي كفلت للدولة العثمانية إدارة المساحة الشاسعة التي تحكمها. حرصت القوانين المتتالية التي وضعها العثمانيون على مدار القرنين والنصف الأوائل من عمرها، خاصة في زماني محمد الفاتح، وسليمان القانوني، على مواكبة التطورات التي واجهتها الدولة؛ سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، ولهذا استمر النظام الحكومي في العمل على الرغم من اتساع حجم الدولة جدًّا. في النصف الثاني من القرن السادس عشر، وفي القرنين السابع عشر، ثم الثامن عشر؛ أي قرن «الثبات»، وقرن «الثبات النسبي»، اعترت هذا النظام الإداري عدة مشكلات أبرزها اثنتان؛ الأولى هي جمود القانون، وهذا راجع إلى غياب الشخصيات الابتكارية الحريصة على التجديد والتطوير، وأحيانًا لغياب الجرأة اللازمة لمخالفة الأنظمة التي نجحت على مدار عدة قرون في إدارة الدولة، وبالتالي صار النظام الإداري غير مناسب بالقدر الكافي للمرحلة التاريخية. المشكلة الثانية، وهي أخطر، كانت انتشار الفساد في دواليب الحكومة، وكان من أبرز علاماته شراء المناصب، والرشوة للنجاة من العقوبات، والتلاعب بالأموال، والميزانيات، والأوقاف، والتغاضي عن محاسبة الكبار، وغير ذلك من آفات مهلكة.
كان من الممكن أن تودي هاتان المشكلتان بالدولة العثمانية مبكرًا، لولا أن الله أنعم على الدولة بآل كوبرولو، ثم قرة مصطفى الملحق بهم، فاستطاعوا في الفترة من 1656 إلى 1683م أن يحدثوا طفرة في النظام الإداري العثماني. نجحت إدارة آل كوبرولو إلى حدٍّ كبير في تقليص الفساد في الدولة، ووضعت نظم مراقبة ومتابعة جيدة، وكانت لها رؤية مستقبلية معقولة، واستخدمت سياسات اقتصادية ناجحة، وكل هذا كفل للدولة أن تستمر في طريقها دون اهتزاز.
لم يُطَوِّر آل كوبرولو القانون كثيرًا؛ ولكنهم عملوا بما يمكن أن يُسَمَّى «روح القانون»، فهذا قاد إلى نجاحهم في فترة قيادتهم؛ لكنه كان أقل تأثيرًا في الأجيال القادمة، التي تمسَّك المصلحون فيها بالقانون القديم، ولم ينشغلوا بمسألة روح القانون، فعادت الأمور إلى سابق عهدها بعد فترة. ومع ذلك فلا شك أن الجهد الذي بذله آل كوبرولو لم يذهب هباءً منثورًا، إنما استمر بدرجة ما إلى عدة عقود، وهذا كان أحد الأسباب المهمة لثبات الدولة العثمانية في هذا القرن الذي نتحدث عنه، القرن الثامن عشر.
رابعًا: الاستقلال غير الرسمي لبعض الولايات المهمة في الدولة:
نتيجة ضعف قبضة الحكومة المركزية، وانشغال الدولة في حروب متكررة، ومشاكل الإنكشارية، وانتشار الفساد، تمكنت بعض الولايات البعيدة من الانفصال «غير الرسمي» عن الدولة العثمانية؛ بمعنى أن هذه الولايات لم تعلن استقلالها عن العثمانيين؛ ولكنها كانت تدير أمورها بانفصال تام عن الدولة الأم. وصل الأمر أحيانًا إلى قيام أسر غير عثمانية في هذه الولايات «بتوارث» الحكم كأي عائلة ملكية! كان هذا واضحًا في ليبيا، وتونس، كما سنتبين من السياق التاريخي في الفصل القادم. أما الجزائر فكانت شبه مستقلة كذلك؛ ولكن كان نظام الانتخاب لا التوارث هو الذي يحكم اختيار «الداي» الحاكم. هكذا يعتبر شمال إفريقيا خارجًا عن الدولة العثمانية في القرن الثامن عشر؛ ومع ذلك فنظريًّا تعتبر هذه الولايات تابعة للعثمانيين، وهذا كان يُوقِع الدولة في مشكلات كبرى مع القوى العالمية المختلفة نتيجة التصرفات الفردية لهذه الولايات. يزيد من المشكلة أن هذه الولايات الثلاث؛ الجزائر، وتونس، وليبيا، كانت تحترف القرصنة على السفن التجارية والعسكرية المارة في البحر المتوسط، ولئن كانت تدعي أنها تفعل ذلك من منطلقات جهادية بالتعرض لسفن من دول محاربة، فإنها سرعان ما خالفت هذا النهج، وصارت تهاجم السفن من الدول المحايدة للدولة العثمانية، كإنجلترا، وهولندا، ولاحقًا أميركا، أو حتى الدول التي تعقد معاهدات صداقة، ولو مؤقتة، كفرنسا[6].
لا شك أن مثل هذه الأوضاع المختلة سيكون لها أثر سلبي كبير على مستقبل الدولة. لم يكن الوضع في مصر بأفضل من ذلك كثيرًا، وإن كانت تبعيتها للعثمانيين ظلت أقوى من غيرها في معظم قرن الثبات النسبي (إلى أواخر الستينيات من القرن الثامن عشر)، أما اليمن فكانت قد خرجت بالفعل رسميًّا من الدولة العثمانية في القرن السابع عشر. كان من الواضح أن السيطرة العثمانية الحقيقية تشمل الأناضول، والولايات الأوروبية، وإلى حدٍّ ما الشام، والعراق، أما بقية الولايات فالأمر لا يعدو أن يكون نظريًّا
خامسًا: الحالة العلمية:
للأسف ظلت الدولة العثمانية على حالها العلمي المتدني. اتسعت الفجوة جدًّا بينها والغرب. كان التخلف العلمي أحد السمات البارزة في الدولة في عصور الثبات، والثبات النسبي، وما بعدهما. كان اللحاق بالركب العلمي العالمي صعبًا للتطور المذهل الذي شهدته أوروبا في هذه المرحلة التاريخية، بالإضافة إلى أن العلوم المتطورة كانت كلها بيد أعداء الدولة العثمانية، وكانت الدبلوماسية العثمانية ضعيفة؛ فلم يكن عندها القدرة على إقامة علاقات صداقة مع بعض الكيانات الغربية التي يمكن أن تُساعد الدولة علميًّا؛ سواء بإرسال العلماء، أو باستقدام المبعوثين للتدريب.
لن يفكر العثمانيون في العلوم الحديثة إلا في القرن التاسع عشر، مع العلم أن أوروبا متطورة علميًّا منذ منتصف القرن الخامس عشر! بمعنى أن الفجوة بينها وأوروبا ستكون حينذاك أربعة قرون، وأنَّى لمثل هذه الفجوة أن تُجْتَاز! ستكون هناك -في قرننا هذا، الثامن عشر- بعض المحاولات للترقي بالعلوم -على استحياء- في زمن السلطان أحمد الثالث؛ لكنها لن تصل إلى الدرجة التي تجعل الدولة تنافس غيرها من الدول الكبرى. الواقع أن هذا «التخلف العلمي» هو من أسوأ أمراض الدولة العثمانية في كل تاريخها، ولا أستطيع أن أجد له عذرًا مناسبًا، ولا ينبغي للأمة أن تهمل العلوم، ولو كانت منشغلة بالجهاد، أو التوسع، أو المال، أو كفاية الطعام والشراب، أو أي شيء آخر، فالعلم هو البداية، ولن ترقى أمةٌ أو تسبق إلا به. الملاحظ أن إهمال الدولة العثمانية للعلوم كان يشمل العلوم الشرعية كذلك، وهذا ما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا؛ لأن المـُتقِن للعلوم الشرعية سيدرك أن إتقان المسلمين للعلوم الحياتية؛ كالطب، والهندسة، والكيمياء، وغيرها، هو من «الواجبات» الشرعية التي «تأثم» الأمة بعدم إتقانها، والتفوق فيها، خاصة إذا ما كان أعداؤها يبرعون في هذه المجالات، فإذا غاب العلماء الشرعيون الذين يدفعون شباب الأمة، ورجالها، ونساءها، إلى التفوق العلمي لأجل إرضاء الله فكيف يمكن الخلاص؟!
ولقد زاد الأثر السلبي لهذه الفجوة العلمية على الدولة العثمانية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر؛ وذلك بسبب دخول أوروبا في حرب كبيرة للغاية، سنتعرَّض لها بعد قليل، هي «حرب السنوات السبع»، من عام 1756 إلى عام 1763م[7]، وفي هذه الحرب التي اشتركت فيها كل القوى العالمية الكبرى، باستثناء الدولة العثمانية، سعت كل هذه القوى لتطوير أسلحتها وجيوشها علميًّا لتتمكن من المنافسة في هذه الحرب الشرسة. كان دخول العلوم الحديثة في مجال الحرب في هذه الفترة سببًا في التفوق العسكري اللافت لهذه الدول، ولمـَّا كانت الدولة العثمانية غير مشاركة في هذا الحدث ظلت جيوشها على حالتها القديمة دون تطوير[8]. لا أعني بهذا الكلام أنه كان ينبغي عليها دخول هذه الحرب المدمِّرة، ولكن كان عليها أن تواكب التطورات المذهلة التي ارتقت إليها الجيوش الغربيَّة في هذا الوقت. هذا الفارق العلمي في المجالات العسكرية سيكون له أكبر الأثر على مستقبل الدولة. المشكلة الأكبر أن روسيا، التي كانت في حالة «توازن» مع الدولة العثمانية في القرن السابع عشر، ستأخذ بالنهضة العلمية الحديثة في أخريات هذا القرن، والربع الأول من القرن الثامن عشر؛ وذلك في زمن القيصر بطرس الأكبر (1682-1725م)، وهذا سينقلها نقلة نوعية فريدة، وسوف يكون لها نقلة نوعية أخرى في زمن الإمبراطورة كاترين الثانية (1762-1796م)، وهاتان النقلتان النوعيتان كانت لهما أكبر الأثر في ترجيح كفة الروس على الدولة العثمانية؛ مما سيكون له آثار وخيمة.
سادسًا: عوامل قوة تحافظ على الثبات النسبي:
لا يعني سردنا لعوامل الضعف السابقة أن الدولة العثمانية كانت منهارة في هذه المرحلة التاريخية؛ بل على العكس من ذلك كانت ثابتةً ثباتًا واضحًا جعلنا نسمي القرن بكامله «قرن الثبات النسبي». هذا الثبات بسبب وجود عوامل قوة داخلية مهمة تحفظ الكيان من التدهور السريع. إن الإمبراطوريات الضخمة لا تسقط بسرعة! هذه سنن ماضية في التاريخ لا تتبدل. إنها تتناقص تدريجيًّا؛ بحيث لا يلحظ ذلك المعاصرون لها أبدًا.
من عوامل قوة الدولة العثمانية مثلًا جيشها الكبير. إنه الجيش الذي حقق انتصارات مجيدة لا تُنْسَى شرقًا وغربًا. هذا الجيش لم ينتهِ بعد؛ بل رأيناه في قرن الثبات يحقق عدة انتصارات على قوى كبرى. نعم صارت انتصاراته موازية لهزائمه على عكس القرون الأولى في الدولة؛ لكنها ما زالت انتصارات مهمة. سيظل هذا الجيش في قرن الثبات النسبي مرهوبًا. يقول ول ديورانت وهو يصف أحداثًا في بداية القرن الثامن عشر: «ولكن الإمبراطورية العثمانية كانت لا تزال قوية إلى حد يفت في العضد، وكانت الأستانة (إسطنبول) عصية على الهجوم»[9]. هذا الجيش الكبير ستظل له انتصارات، وإن كان هذا سيقل بالتدريج، خاصة في فترة الستينيات من القرن الثامن عشر وبعدها، عندما كثَّفت أوروبا وروسيا علومها العسكرية؛ بينما ظلت الدولة العثمانية تستخدم مدافعها القديمة.
من عوامل القوة -أيضًا- الاقتصاد القوي. لسنا في حاجة أن نعيد مصادر الثروة الهائلة في الدولة العثمانية، التي ذكرناها عند حديثنا عن الاقتصاد في قرن الثبات؛ لأن الحال ظل على ما هو عليه من الكفاية والرخاء في القرن الثامن عشر، على الرغم من الحروب المتكررة التي شهدتها هذه الحقبة. كانت تحدث أحيانًا اضطرابات تقود إلى أزمات مالية كبيرة؛ ولكن سرعان ما كان ينصلح الحال، وتعود الأمور إلى الاستقرار. لا شك أن السياسات الاقتصادية التي وضعها آل كوبرولو كان لها أثر في ثبات الوضع المالي للدولة. إن الدولة العثمانية لم تعرف الديون أبدًا في هذه الحقبة، ولا في كل تاريخها قبل ذلك. لن يبدأ العثمانيون في الاستدانة إلا في القرن التاسع عشر؛ أي بعد خمسة قرون من نشأة الدولة.
من عوامل القوة -أيضًا- الوحدة الداخلية للدولة، فما زال الشعب، مسلم ونصراني، متعايشًا في هدوء واستقرار، على الأقل في أوروبا، والأناضول، والشام، والعراق، ومصر. انفلتت؛ كما ذكرنا قبل ذلك، ولايات الشمال الإفريقي؛ لكنها لم تدخل في صراعات مع الدولة. هذا التماسك الداخلي كان من عوامل القوة الواضحة في الدولة؛ حيث لم يكن سهلًا على عدوٍّ أن يُثِير الشعب العثماني ضد حكومته، ولا أن يستقطب قطرًا لتحقيق مطامحه. هذا بالطبع منطبق على الولايات التي كانت تُدار بشكل مباشر من العثمانيين، أما الولايات الأوروبية التابعة، التي تدار بأهلها، كالبغدان، والإفلاق، فإنها كانت مذبذبة الولاء، فتارة مع الدولة العثمانية، وتارة مع النمسا، ومرة ثالثة مع بولندا، وهكذا. هذا وضع طبيعي؛ لأن هذه الولايات كانت نصرانيةً شعبًا وحكومةً؛ ومن ثَمَّ فولاؤها الدائم للعثمانيين المسلمين غير متوقع؛ ومع ذلك فاضطراب هذه الولايات كان لا يُحْدِث مشكلة كبرى داخل الدولة العثمانية؛ لأن الولايات التابعة كلها كانت على أطراف الكيان العثماني الكبير، وفي ظل ضعف الاتصالات والمواصلات الذي يميِّز هذه الحقبة فإن هذه الاضطرابات تظلُّ محليةً تمامًا، ولا تصل آثارها إلى عمق البلاد، فضلًا عن قدرة الدولة العثمانية دومًا في هذه الحقبة على ردع أي تمرد فيها، مهما زادت قوته، أو اتسعت دائرة وجوده.
أن كل ما سبق من عوامل القوة، فضلًا، عن التاريخ الذي يحمل أمجادًا كثيرة، والجغرافيا التي تشهد إمبراطورية تشغل ثلاث قارات، كل ذلك كان يحافظ على هيبة الدولة العثمانية في القرن الثامن عشر. ستحدث عدة هزائم عسكرية للعثمانيين في أخريات القرن السابع عشر؛ أي في أول فترة من قرن «الثبات النسبي»، وهذه ستزعزع الهيبة قليلًا؛ لكنها لن تقدر على اقتلاعها من قلوب الأوروبيين. سيتجرأ الأوروبيون في هذا القرن على العثمانيين؛ ولكن بحذر، كأنهم يختبرون رد فعل هذا المارد الجبار! سيهجمون بشدة، ثم يتراجعون بسرعة. سيكسبون نقاطًا مهمة في المنافسة، ثم يتنازلون عنها بعد قليل! هذه هي طبيعة قرون «الثبات». ليس هذه المتناقضات عجيبة، ولم تحدث بشكل عشوائي. إن الذي أحدثها هو تقارب عوامل الضعف مع عوامل القوة، فبالضعف تحدث الهزائم والانتكاسات، ثم بالقوة يأتي النصر والخلاص، وهكذا إلى أن تتغلب القوة على الضعف بوجود المصلحين، أو تنهار الدولة إذا غابوا!
أحب أن أختم هذه الجزئية بفقرات للمؤرخ الأميركي دونالد كواترت Donald Quataert، وهو يصف فيها الانبهار الشعبي الأوروبي بالدولة العثمانية في القرن الثامن عشر! يقول كواترت: «ومع بداية القرن الثامن عشر، وبعد أن شعر الأوروبيون بالأمن والطمأنينة تجاه خصمهم العثماني، بدأوا يقتبسون منه، ويجنحون إلى تقليده»[10]! ثم دَلَّل كواترت على هذه الحقيقة بمشاهدات كثيرة في عالم الطعام، والشراب، والملابس، والموسيقى، والفنون، والأثاث، وغير ذلك من مجالات.
لقد زاد التقليد إلى الدرجة التي سمَّاها كواترت «بالهَوَس التركي»! إن الشعوب لا تقلِّد إلا مَنْ تشعر أنه أعلى منها. إن هذه المشاهدات تدل على أن الدولة العثمانية كانت حاضرة بقوة على الساحة العالمية في القرن الثامن عشر؛ مما ينفي عنه صفة «الانحطاط»، ويعطيه صفة الثبات. أخيرًا ينقل كواترت صورة عن الحياة في بولندا في هذه الفترة فيقول: «وفي بولندا أخذ النبلاء يرتدون الأثواب العثمانية، ويركبون الخيول العربية، وأصبح بعضهم يرتاد المقاهي التي تقدم القهوة، ويرتدي ما يشبه السراويل العثمانية الفضفاضة المصنوعة من الحرير الملون بألوان زاهية، ناهيك عن تدخين الغليون التركي، وتناول الحلويات التركية»[11]. إن كل هذه المشاهدات في بلد كبولندا خاض عدة حروب مع العثمانيين، وما زال يخوض، لأكبر دليل على قوة تأثير الدولة العثمانية في هذه الحقبة، وثبات أقدامها[12].
[1] Stein, Perrin: Amédée Van Loo's Costume turc: The French sultana, The Art Bulletin, London, UK, Vol. 78, No. 3, 1996., p. 430.
[2] Bideleux, Robert & Jeffries, Ian: A History of Eastern Europe: Crisis and Change, Routledge, London, UK, 1998., p. 156.
[3] Pappe, Ilan: The Rise and Fall of a Palestinian Dynasty: The Husaynis 1700–1968, Saqi Books, London, UK, 2010., p. 35.
[4] Faroqhi, Suraiya; McGowan, Bruce & Pamuk, Sevket: An Economic and Social History of the Ottoman Empire, Edited: Halil Inalcik, Donald Quataert, Cambridge University Press, New York, USA, 1994., p. 879.
[5] ديورانت، ول: قصة الحضارة، ترجمة: زكي نجيب محمود، وآخرين، تقديم: محيي الدين صابر، دار الجيل-بيروت، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم-تونس، 1408هـ=1988م. صفحة 41/13.
[6] Stanik, Joseph T.: Barbary Corsairs, In: Bradford, James C.: International Encyclopedia of Military History, Routledge, New York, USA, 2006., p. 156.
[7] موسنيه، ولابروس، 1987 الصفحات 5/230-232.
[8] Uyar, Mesut & Erickson, Edward J.: A Military History of the Ottomans: From Osman to Atatürk, ABC CLIO, Santa Barbra, USA, 2009., p. 116.
[9] ديورانت، 1988 صفحة 33/31.
[10] كواترت، دونالد: الدولة العثمانية 1700-1922، ترجمة: أيمن الأرمنازي، مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة الأولى، 2004م. صفحة 42.
[11] كواترت، 2004 صفحة 44.
[12] انظر: دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442هـ= 2021م، 2/ 721- 732.
لشراء كتاب قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط يرجى الاتصال على الرقم التالي: 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك