ملخص المقال
كان أبو الحسن الأحمر أحد من اشتهر بالتقدّم في النحو واتساع الحفظ.
علي بن الحسن (أو المبارك) المعروف بالأحمر: مؤدب الأمين العباسي، وشيخ النحاة في عصره. كان في صباه جنديًا من رجال النوبة على باب الرشيد، وتتلمذ على يد الكسائي إلى أن برع ونبغ في النحو، وقد صيره الكسائي يعلم أولاد الرشيد عوضًا عن نفسه.
كان الأحمر أحد من اشتهر بالتقدّم في النحو واتساع الحفظ، وكان قوي الذاكرة يحفظ 40 ألف بيت من شواهد النحو حتى أنه جرت بينه وبين سيبويه مناظرة في مجلس يحيى بن خالد البرمكي، له مصنفات مفيدة، منها " تفنن البلغاء " و " التصريف"، توفي بطريق الحج في سنة 194هـ= 810م، قال عنه الخطيب البغدادي: هو أحد من اشتهر بالتقدم في النحو واتساع الحفظ.
وقال ثعلب: كان علي بن المبارك مؤدب الأمين يحفظ أربعين ألف بيت شاهد في النحو، سوى ما كان يحفظ من القصائد وأبيات الغريب، وقال الذهبي: هو شيخ العربية وتلميذ الكسائي، كان مؤدب الأمين بتعيين الكسائي له.
وقال ياقوت: كان رجلًا من الجند من رجال النوبة على باب الرشيد، وكان يحب العربية، وكان يرصد الكسائي مؤدب أولاد الرشيد وهو في طريقه إلى الرشيد كل يوم؛ فإذا أقبل تلقاه، وأخذ بركابه وماشاه؛ وسأله المسألة بعد المسألة إلى أن يبلغ الكسائي إلى الستر، فيرجع الأحمر إلى مكانه؛ فإذا خرج الكسائي فعل به ذلك، حتى قوي وتمكن؛ وكان فطنًا حريصًا.
فقال له الكسائي: هل فيك خير؟ قال: نعم، قال: قد عزمت على أن أستخلفك على أولاد الرشيد، فقال الأحمر: لعلي لا أفي بما يحتاجون إليه! فقال الكسائي: إنما يحتاجون كل يوم إلى مسألتين في النحو، وبيتين من معاني الشعر، وأحرف من اللغة، وأنا ألقنك كل يوم قبل أن تأتيهم فتحفظه، وتعلمهم، فقال: نعم.
فقال الكسائي للرشيد: قد وجدت من أرضاه لكم، ولست أرضى لكم غيره، وما أعرف في أصحابي أحدًا مثله في الفهم والصيانة، فأدخل الأحمر إلى الدار، وفرش له البيت الذي يعلّم فيه بفرش حسن... فلما أراد الأحمر الانصراف، دُعي له بحمالين، فقال الأحمر: والله ما يسع بيتي هذا، وما لنا إلا غرفة ضيقة، وإنما يصلح هذا لمن له دار وأهل، فأمر بشراء دار له، وجارية وغلام ودابة، وأقيم له راتب فجعل يختلف إلى الكسائي كل عشية، فيتلقن ما يحتاج فيه أولاد الرشيد، ويغدو عليهم فيلقنهم، ويأتيهم الكسائي في الشهر مرة أو مرتين، فيعرضون عليه بحضرة الرشيد ما علمهم الأحمر، فيرضاه فلم يزل الأحمر كذلك حتى صار نحويا، وجلت حاله، وعرف بالأدب حتى قدم على سائر أصحاب الكسائي[1].
[1] جمال الدين القفطي: إنباه الرواة على أنباه النحاة، المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، القاهرة، ومؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، الطبعة: الأولى، 1406هـ= 1982م، 2/ 313، 314، والسيوطي: بغية الوعاة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، لبنان، صيدا، 2/ 158- 159، والزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر، 2002م، 4/ 271، والموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة، مجلة الحكمة، مانشستر، بريطانيا، الطبعة الأولى، 1424هـ= 2003م، 2/ 1643، 1644.
التعليقات
إرسال تعليقك