ملخص المقال
يعد أبو بكر بن عمر اللمتوني أحد زعماء المرابطين، وقد جُمعت له الزعامة الدينية والسياسية، حيث فكان من أعظم قادة المرابطين، وأكثرهم ورعًا ودينًا.
بعد استشهاد الشيخ عبد الله بن ياسين مؤسس دعوة المرابطين في سنة 451هـ=1059م، تولى خلفه زعامة المرابطين الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني، وينتسب أبو بكر بن عمر اللمتوني إلى قبيلة لمتونة البربرية، تولى زعامة المرابطين وقد جُمعت له الزعامة الدينية والسياسية، حيث كان من أعظم قادة المرابطين، وأتقاهم وأكثرهم ورعًا ودينًا، وحبًّا للشهادة في سبيل الله، وساهم في توحيد بلاد المغرب، ونشر الإسلام في الصحارى القاحلة وحدود السنغال والنيجر، وجاهد القبائل الوثنية حتى خضعت وانقادت للإسلام والمسلمين، ودخل من الزنوج على يده أعداد كبيرة في الإسلام، ساهموا بدورهم في بناء دولة المرابطين، وشاركوا في الجهاد في بلاد الأندلس، وصنعوا مع إخوانهم المسلمين في دولة المرابطين حضارة متميِّزة.
وخلال دعوته إلى الإسلام نزل أبو بكر بن عمر اللمتوني إلى أدغال إفريقيا، فأدخل الإسلام في غينيا بيساو جنوب السنغال، وفي سيراليون، وفي ساحل العاج، وفي مالي، وفي بوركينا فاسو، وفي النيجر، وفي غانا، وفي داهومي، وفي توجو، وفي نيجيريا، وفي الكاميرون، وفي إفريقيا الوسطى، وفي الجابون.
فكانت أكثر من خمس عشرة دولة إفريقية قد دخلها الإسلام على يدِ هذا المجاهد البطل، هذا الرجل الذي كان إذا دعا إلى الجهاد في سبيل الله كان يقوم له خمسمائة ألف مقاتل؛ أي: نصف مليون من المقاتلين الأشداء، غير مَنْ لا يقومون من النساء والأطفال، وغير بقية الشعوب في هذه البلاد من أعداد لا تُحْصَى قد هداها الله على يديه.
ويذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية، فيقول: «أبو بكر بن عمر أمير الملثَّمِينَ، كان في أرض فرغانة، اتَّفَقَ له من الناموس ما لم يَتَّفق لغيره من الملوك، كان يركب معه إذا سار لقتال عدوٍّ خمسمائة ألف مقاتل، كلٌّ يعتقد طاعته، وكان يُقيمُ الحدود ويحفظ محارم الإسلام، ويحوط الدين، ويسير في الناس سيرة شرعية، مع صحَّة اعتقاده ودينه، وموالاة الدولة العباسية، أصابَتْه نُشَّابَةٌ في بعض غزواته في حلقه فقتلتْه...»، ثم ها هو ذا وبعد حياة طويلة متجرِّدة لله عز وجل يستشهد في إحدى فتوحاته في سنة (480هـ=1087م).
وما من شَكٍّ أنه كلما صَلَّى رجل صلاة في النيجر أو في مالي أو في نيجيريا أو في غانا، وكلما فعل أحد منهم من الخير شيئًا أُضيف إلى حسنات الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني ومَنْ معه رحمهم الله[1].
[1] انظر: محمد عبد الله عنان دولة الإسلام في الأندلس، مكتبة الخانجي، القاهرة، ودكتور راغب السرجاني: قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط.
التعليقات
إرسال تعليقك