د. راغب السرجاني
المشرف العام على الموقع
طبيب ومفكر إسلامي، وله اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي، رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة، صاحب فكرة موقع قصة الإسلام والمشرف عليه، صدر له حتى الآن 58 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي.
ملخص المقال
من أكثر الأسئلة التي أتعرَّض لها: هل ما زلت ممارسًا للطب، ولو كان الأمر كذلك فكيف الجمع بين الطب والتاريخ، وكلاهما يحتاج إلى تفرُّغ كامل؟
من أكثر الأسئلة التي أتعرَّض لها في المؤتمرات وعلى القناة: هل ما زلت ممارسًا للطب، ولو كان الأمر كذلك فكيف الجمع بين الطب والتاريخ، وكلاهما يحتاج إلى تفرُّغ كامل؟
الجواب: نعم ما زلت ممارسًا للطب، وهو حرفتي الأساسية، ومنها أكتسب:
· أستاذ مسالك بولية، ورئيس وحدة الجراحة الترميمية في قسم المسالك البولية جامعة القاهرة
· بكالوريوس طب وجراحة عام 1988 امتياز مع مرتبة الشرف، وماجستير 1992 بامتياز، ودكتوراه 1998 بإشراف مشترك بين مصر وأميركا.
· فتحت العيادة في 1999، ومن يومها لم تغلق، وما زلت ممارسًا للطب، سواء في الجامعة، أو على المستوى الخاص، حتى هذه اللحظة.
· حريص على حضور المؤتمرات العالمية في المسالك
· ومخترع آلة لعلاج السلس البولي عند النساء
أما الجمع بين هذا والتاريخ، فله قصة وجذور:
· كنت من طفولتي محبًّا للقراءة بشكل كبير جدًّا (هذا يحتاج إلى حلقة)
· انتقلت من القراءة العامة إلى القراءة الإسلامية في عام 1985، وكنت أهوى التدريس، فكنت ألقي دروسًا في المواد التي أقرءها، وذكر لي بعض السامعين أن إلقائي لدروس التاريخ مميز عن غيره، كما أن هذه ثغرة لا يملؤها العلماء في زماننا، فلو أكثرت من ذلك.
· بدأت في عام 1991 في القراءة المتخصصة في التاريخ، وقدَّمت دروسًا متخصصة فيها، ومن أهمها ما كنت أقدمه في مسجد أبي بكر الصديق في نيو أورليانز أميركا أثناء الدكتوراة في الفترة من 1994 إلى آخر 1998، وتفاعل الناس مع المادة جعلني أشعر بأهميتها، فكنت اقرأ فيها بنهم شديد، وتنوَّعت معرفتي بسماع محاضرات لعلماء من بلاد إسلامية مختلفة.
السؤال الأبرز كيف أجد وقتًا للتاريخ مع ضغط الطب المتواصل (الطب يحتاج إلى قراءة مستمرة، كما أن هناك التدريس بالجامعة، مع العمل الخاص بالعيادة):
أولًا: الأمر كله توفيق من الله تعالى. {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53].
ثانيًا: وضوح الهدف وتعظيمه:
· كلما ازداد الهدف قيمة في عينك كنت قادرًا على توفير وقت له.
· كثيرًا ما كنت أظل مستيقظًا لإكمال مادة معينة وأنا أشعر أنني على ثغرة لا ينبغي أن أتركها وأنام. أذكر أنني كنت أظل مستيقظًا طوال رحلتي من مصر إلى أميركا، وكانت المضيفات أحيانًا يستغربن من ذلك، وذات مرة تشاجر معي جاري في المقعد لكوني أضيء النور طوال الرحلة.
ثالثًا: تنظيم الوقت من أهم الأمور.
· عملياتي في الصباح الباكر، كذلك المرور على المرضى في القصر العيني، وعيادتي الخاصة في الظهيرة، لكي أفرِّغ الوقت المسائي كله للتاريخ.
· قبل الدكتوراة كان الوقت الأكبر للدراسة الطبية، وبعدها صارت القراءة في التاريخ أكثر.
· الأوقات المتاحة في حياتنا للعمل الموازي للمهنة الاحترافية كثيرة، ولكننا لا نحسن تنظيمها.
· هناك أهمية كبرى للأوقات البينية. أذكر أنني حضَّرت مجموعة فلسطين حتى لا تكون أندلسًا أخرى عام 2001 تقريبًا في انتظاري في عيادة أحد الطبيبات التي كانت تقوم بعلاج ابني في جلسات أسبوعية.
رابعًا: التنازل عن بعض المتع:
· الجانب الترفيهي موجود، وأفرِّغ له وقت مع الأسرة، ولكنه أقل من أقراني،
· وأتنازل كثيرًا عن مشاهدة مباراة ممتعة، ولكني أحرص على متابعة الأهداف، أو الخروج في رحلة، أو القيام بزيارة.
خامسًا: التنازل عن بعض المكاسب المادية. لابد من تفريغ وقت للعلوم الموازية، وتكون قابلًا للتضحية ببعض المكاسب من أجل ذلك. أنا لا أزور عيادات خاصة إلا عيادتي فقط، ولا أحضر إلا ثلاثة أيام في الأسبوع، ولا أشترك في المشاريع العلاجية للنقابات والشركات والهيئات، وهذا كله يؤثِّر فيما يظن الناس على الدخل، لكن يقول الله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]. أنا آخذ بالأسباب بالذهاب إلى عيادتي في أوقات محدودة، وأطمئن إلى أن رزقي مكفول، ويمكن أن يرزقني الله من الوقت المحدود اضعاف ما يرزق طبيبًا آخر يقضي أضعاف وقتي في العيادات والمستشفيات.
سادسًا: عدم التشتت بين الفروع، فأنا اقرأ في التاريخ أساسًا، وما أقرأه في العلوم الأخرى فلكي يساعد في هذا الفرع، وهذا التركيز يعطي حصيلة ضخمة مع الوقت. أنصح بعلم شرعي واحد إلى جوار العلم الذي تقرأ فيه كمهنة.
سابعًا: التعليم ونقل الخبرة: التدريس للآخرين:
· أولًا يثبِّت المعلومة.
· وثانيًا يرزقك الله به علمًا جديدًا، والجزاء من جنس العمل.
كل نقطة من هذه النقاط تحتاج إلى تفصيلات كثيرة،
ونصيحتي الأخيرة للمشاهدين والمشاهدات: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282]. العلم من الله تعالى، وكلما ازددت قربًا منه علَّمك ما لم تكن تعلم، وبارك لك في وقتك وفهمك، فأسأل الله أن يجعلنا من المتقين[1].
[1] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك