د. راغب السرجاني
المشرف العام على الموقع
طبيب ومفكر إسلامي، وله اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي، رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة، صاحب فكرة موقع قصة الإسلام والمشرف عليه، صدر له حتى الآن 58 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي.
ملخص المقال
هناك موطن من مواطن إجابة الدعاء نادر وعجيب، فماذا تعرف عنه؟
موطن من مواطن إجابة الدعاء نادر وعجيب:
وجه العجب:
1- قصير جدًّا: لدقيقة واحدة أو أقل
2- يتكرَّر كل يوم،
3- يغفل عنه أكثر الناس.
4- حتى بعد إخبارك به سيكون صعبًا عليك!
إنه موطن في عمق نوم الإنسان!
كثيرًا ما ينتبه الإنسان أثناء نومه فيستيقظ لبرهة؛ سواء كان ذلك لتقلُّبه في فراشه، أو لرؤيته حُلْمًا، أو لسماعه صوتًا، أو لغير ذلك، ثم يُكمل المرء نومه بعد انتباهته المؤقتة، وكان لرسول الله ﷺ سُنَّةٌ في هذه الانتباهة القصيرة، وهي ذكرٌ ودعاء، وقد يُتْبِع ذلك بوضوء وصلاة؛ ففي البخاري وغيره عَنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ [1]فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلهِ، وَسُبْحَانَ الله، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ».
وعليه فإن ترتيب الأحداث عند الانتباه من النوم يكون كالآتي:
أولًا: ثلاثة أنواع من الذكر متتالية:
1- أولها شهادة التوحيد.
2- «أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى الله: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْدُ لِلهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ.
3- كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ».
ثانيًا: الدعاء بالمغفرة، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي.
ثالثًا: الدعاء المطلق.
رابعًا: يمكن أن تتبع هذه الأذكار والأدعية بصلاةٍ، وحينها ستقبل هذه الصلاة،
هذا الدعاء مستجاب حتمًا لحسم رسول الله ﷺ للمسألة، ولكن ينبغي فهم معنى إجابة الدعاء:
الدعاء المقبول إما يحقِّقه الله تعالى حالًا أو آجلًا، وإما يصرف به من السوء عن المرء ما يوازيه، وإما يدخره لك يوم القيامة أجرًا ومثوبة.
والواقع أن تَذَكُّر هذه السُّنَّة في أثناء الاستيقاظ السريع في جوف الليل أمرٌ صعب، ولزيادة فرصة المسلم في فعل هذه السُّنَّة الصعبة عليه بالآتي:
1- يبيت على طهور؛ لرواية ابن ماجة الصحيحة عن معاذ: ما من عبدٍ باتَ على طُهورٍ، ثمَّ تعار منَ اللَّيلِ، فسألَ اللَّهَ شيئًا من أمرِ الدُّنيا، أو من أمرِ الآخرةِ إلَّا أعطاهُ.
2- أذكار النوم؛ فعند أبي داود عَنْ مُعَاذِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيتُ عَلَى ذِكْرٍ طَاهِرًا، فَيَتَعَارُّ مِنَ اللَّيْلِ فَيَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ».
3- ونضيف إلى هذين الأمرين الانشغال بالذكر أثناء النهار والليل، فقد روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ»، فمعنى هذا الاستمرار في الذكر أطول فترة ممكنة، فهذا يجعل الذكر سهلًا على النفس في هذا الوقت الصعب[2].
[1] تعار من الليل: أي استيقظ وانتبه.
[2] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك