د. راغب السرجاني
المشرف العام على الموقع
طبيب ومفكر إسلامي، وله اهتمام خاص بالتاريخ الإسلامي، رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة، صاحب فكرة موقع قصة الإسلام والمشرف عليه، صدر له حتى الآن 58 كتابًا في التاريخ والفكر الإسلامي.
ملخص المقال
كيف تهزم الشيطان؟
الحرب مع الشيطان أبدية مستمرة إلى يوم القيامة: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 62].
وَالِاحْتِنَاكُ: وَضْعُ الرَّاكِبِ اللِّجَامَ فِي حَنَكِ الْفَرَسِ لِيَرْكَبَهُ وَيُسَيِّرَهُ، فَهُوَ هُنَا تَمْثِيلٌ لِجَلْبِ ذُرِّيَّةِ آدَمَ إِلَى مُرَادِهِ مِنَ الْإِفْسَادِ وَالْإِغْوَاءِ بِتَسْيِيرِ الْفَرَسِ عَلَى حُبِّ مَا يُرِيد رَاكِبه.
والمقصود الإضلال والإبعاد عن الطريق المستقيم
له في ذلك طرق؛ من أهمها: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91]، وفيها ثلاثة طرق للإضلال:
1- العداوة بين المسلمين (باستخدام الخمر والميسر، وبغيرهما)
2- الإلهاء عن ذكر الله (يشمل القرآن، والأذكار الأخرى)
3- الإلهاء عن الصلاة
إذن القرآن أحد ميادين القتال مع الشيطان: هو يريد صرف المؤمن عن القرآن، ليمنعه من تحقيق الهداية. قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: 9].
والمشكلة أن المسلم ينشغل، وينسى القراءة، أو قل: ينسيه الشيطان القراءة: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ} [المجادلة: 19].
حيلة ذكية ومضمونة للتغلب على الشيطان: ارتبط بالقراءة مع آخرين: فرصة الشيطان في التغلُّب على الإنسان تزيد عندما يكون الإنسان وحيدًا؛ فعند الترمذي والنسائي عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «.. فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ..».
من هنا جاءت هذه السُّنَّة العظيمة؛ وهي سُنَّة الاجتماع مع المسلمين على قراءة القرآن، خاصة لو كان في المسجد. روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «.. وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله، يَتْلُونَ كِتَابَ الله، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ..».
هذا الاحتفال بقرَّاء القرآن ليس فقط لكونهم حصَّلوا حسنات ضخمة، ولكن:
1- لأن القرآن سيهديهم للتي هي أقوم، فتنصلح حياتهم وحياة مجتمعاتهم كلها.
2- وهناك فرصة للانتصار على الشيطان
3- وهناك فرصة ايضًا لتصحيح أخطاء القراءة
فلنحرص على تطبيق هذه السُّنَّة، ولها آليات كثيرة:
1- في المسجد، ويمكن تخيُّر بعض الأوقات التي تُعين على أداء عبادات إضافية؛ مثل الوقت بين صلاة الصبح والشروق، فنأخذ أجرَ عمرةٍ، أو الوقت بين المغرب والعشاء، فنضمن شهود صلاتي جماعة.
2- يمكن الارتباط مع الزوجة والأولاد
3- يمكن الارتباط مع زميل عمل (ارتبطت مع صديق لي بالقراءة قبل المحاضرات)
4- يمكن فعل ذلك على التليفون
نسأل الله أن يجعلنا من القارئين للقرآن، العاملين به، وأن يتقبل منا ومنكم أجمعين؟[1].
[1] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
التعليقات
إرسال تعليقك